الحمد لله.
ثانيا :
الزنا الذي يعاقب فيه المحصن بالرجم ، ويعاقب فيه غير المحصن بجلد مائة وتغريب عام
، إنما هو فيما كان بإيلاج في القبل .
وأما مقدمات الزنى من اللمس والتقبيل والاستمتاع بما دون الفرج ، فإنها مع تحريمها
وشناعتها ، وكون المجترئ عليها قد يعاقب بالوقوع فيما وراءها ، إلا أن صاحبها لا
يحد حد الزاني ولا يعاقب عقوبته ، بل يعزر ويؤدب .
فإن هو لم يجترئ عليها ، ولم يصر ، وإنما ألمّ بهذا الفعل مرة ، كان قد نزغه فيها
الشيطان ، فيرجى أن تكون من الصغائر الداخلة في قول الله تعالى ( إِنْ تَجْتَنِبُوا
كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) ، وقوله
تعالى ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا
اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) . أما إذا أصر على الفعل وكرره
فإنه يكون كبيرة من كبائر الذنوب ، بل قد يكون بتكراره أعظم من الزنا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " " الزِّنَا مِنْ الْكَبَائِرِ ، وَأَمَّا
النَّظَرُ وَالْمُبَاشَرَةُ فَاللَّمَمُ مِنْهَا مَغْفُورٌ بِاجْتِنَابِ
الْكَبَائِرِ ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى النَّظَرِ أَوْ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ ، صَارَ
كَبِيرَةً ، وَقَدْ يَكُونُ الْإِصْرَارُ عَلَى ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ قَلِيلِ
الْفَوَاحِشِ ، فَإِنَّ دَوَامَ النَّظَرِ بِالشَّهْوَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ
الْعِشْقِ وَالْمُعَاشَرَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ ، قَدْ يَكُونُ أَعْظَمَ بِكَثِيرِ
مِنْ فَسَادِ زِنَا لَا إصْرَارَ عَلَيْهِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ فِي
الشَّاهِدِ الْعَدْلِ : أَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً ، وَلَا يُصِرَّ عَلَى
صَغِيرَةٍ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/293) .
ثالثا :
الواجب عليك أن تلزم باب التوبة ، والتضرع بين يدي الله عز وجل بسؤاله المغفرة ،
وأن يجعلك من عباده الصالحين ، وأن لا تستهين بما وقع منك ، فإن الاستهانة بالمعصية
أعظم من المعصية نفسها .
ومن تمام توبتك لله عز وجل : السعي الحثيث في إقناع الأهل والوالدين بالاستغناء عن
هذه الخادمة ، حفاظا على دينكم ، واجتنابا لما حرم الله .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (20869) ورقم (26282).
والله أعلم .