حججت عن نفسي وبعد الحج بأشهر لم أر علامات القبول من الإقبال على الطاعات بل عملت الكثير من المعاصي وفي العام المنصرم عقدت العزم على الحج عن أمي المتوفاة، سألت أحد المشايخ فأفتاني بالحج عنها كما نويت والكثرة من الاستغفار والتضرع فحججت عن أمي في إحدى الحملات وفي طواف الوداع كان الزحام شديدا فطفنا شوطا وجزءا من شوط ثم صعدنا إلى السطح، لشدة الزحام لم نعلم الموقع الذي وقفنا عنده بالضبط في الأسفل ولكن اجتهدنا في بداية الطواف من السطح أن يكون من الموضع الذي انتهينا عنده أسفل وطفنا حتى أتممنا الطواف.
بعد حجي الأخير إن اتجهت للمعاصي – وقد وقعت في كثير منها – شعرت بقسوة وضيق صدر وإن اتجهت إلى الطاعات أحسست بلذةٍ وأحمل عاطفة صادقة ومتأثرة نحو حال الإسلام وأهله في هذا الزمن.. وأنا قلق بشأن الحجين وشأن الطواف. أفتوني مأجورين.
من آثار المعصية على صاحبها: 1- حرمان العلم، 2- حرمان الرزق، 3- وحشة تحصل للعاصي بينه وبين ربه، 4- تعسير أموره عليه، 5- أن العاصي يجد ظلمةً في قلبه، 6- حرمان الطاعة، 7- أن المعاصي تزرع أمثالها، ويُولِّد بعضها بعضاً، 8- أن المعاصي تُضعف القلب عن إرادته، 9- أنه ينسلخ من القلب استقباح المعصية فتصير له عادة، 10- أن الذنوب إذا تكاثرت طُبِعَ على قلب صاحبها، فكان من الغافلين.
الحمد لله.
ننصحك أيها السائل بالبعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها والحذر كل الحذر منها؛ فإن للمعصية شؤماً على صاحبها، فإليك بعض آثارها من كلام ابن القيم رحمه الله:
ولمزيد الفائدة ينظر الجواب رقم (111911) (239089).
قولك إنك “حججت ولم تر علامات القبول، بل ازددت من المعاصي” يجاب عليه: بأن القبول إنما هو من الله، ولا يستطيع أحدٌ أن يجزم لك بأن عملك قد قبل أم لا؟
فالمؤمن يعمل الأعمال الصالحة وهو لا يعلم هل قبل الله منه أم لا؟
حتى قال ابن عمر لو علمت بأن الله قبل مني حسنة واحدة لكان الموت أحب غائب إليَّ؛ لأن الله يقول: “إنما يتقبل الله من المتقين.”
والإنسان مطلوب منه أن يُكثر من العمل الصالح، وأن يجتهد في العمل بحيث يكون موافقاً لأمر الله ورسوله، ويكون بذلك قد أبرأ ذمته، ثم يسأل الله القبول.
فأنت أيها السائل إذا كان حجك صحيحاً خالياً من المحظورات فلا يلزمك إعادته، وأما وقوعك في المعاصي فليس له تعلق بصحة الحج من عدمه، ولكنك محاسب عليها، فعليك بالمبادرة بالتوبة منها قبل حلول الأجل.
قولك بأنك طفت ثم صعدت إلى السطح لشدة الزحام.
هذه مسألة الموالاة في الطواف، وقد سُئلت اللجنة الدائمة عن سؤالٍ مشابهٍ لمسألتك فأجابت بأنه لا بأس من قطع الطواف وإكماله في الدور الأعلى. انظر فتاوى اللجنة الدائمة (11/230، 231، 232).
وأما بداية الطواف فيكون من الموضع الذي انتهيت إليه، وبالنسبة لاجتهادك في تحديد الموضع فإنه إذا تعذر اليقين عمل الإنسان بغلبة الظن لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن شك فتردد هل صلى ثلاثاً أم أربعاً قال: فليتحرَّ الصواب، ثم ليُتم عليه – أي يبني على التحري – ثم ليُسلم ثم ليسجد سجدتين بعد أن يُسلم . رواه البخاري (401) ومسلم (572)، أنظر الشرح الممتع (3/461).
وبناءً عليه فإكمال الطواف من السطح واجتهادك في البداية من الموضع الذي قطعت طوافك منه لا شيء عليك فيه إن شاء الله.
ولمزيد الفائدة، ينظر الجواب رقم (253569).
والله أعلم.