الحمد لله.
وفي "الشرح الصغير" : "(
وتقديم مسموم ) لمعصوم ( عالما ) بأنه مسموم ، فتناوله غير عالم فمات ؛ فالقصاص ،
فإن تناوله عالما بسمه : فهو القاتل لنفسه : وإن لم يعلم المقدم ، فهو من الخطأ"
وقال الصاوي في حاشيته : "قوله: (فهو من الخطأ) أي ففيه الدية" انتهى.
وفي " أسنى المطالب " (4/ 5): " وإن كان [أي السم] لا يقتل غالبا : فشبه عمد، فلا
قصاص" انتهى.
وفي " مغني المحتاج " (4/ 7): " ولو ادعى القاتل الجهل بكونه سما : فقولان، والأوجه
ما قاله المتولي : أنه إن كان ممن يخفى عليه ذلك ، صُدِّق ، وإلا فلا .
فإن ادعى الجهل بكونه قاتلا ، فالقصاص" انتهى.
وفي " الموسوعة الفقهية " (25/ 257):" قال جمهور الفقهاء : إذا قدم لصبي غير مميز أو مجنون طعام مسموم فمات منه وجب القصاص على مقدم الطعام ، إن كان يعلم أن ذلك السم يقتل غالبا" انتهى.
ثانيا:
القتل العمد فيه القصاص ، إلا أن يعفو أولياء المقتول.
والقتل شبه العمد والخطأ : فيهما الدية والكفارة، وتكون الكفارة على القاتل والدية
على العاقلة ، إلا أن دية شبه العمد مغلظة . وانظر: السؤال رقم : (222791)
، ورقم : (52809) .
ثالثا:
من بلغ عمره اثني عشر عاما، قد يكون بالغا، وقد لا يكون.
وبلوغ الذكر يعرف بأحد علامات ثلاثة:
1-الاحتلام .
2-نبات الشعر الخشن حول العانة.
3-بلوغ خمس عشرة سنة.
فإذا وجد واحد من هذه الأمور الثلاثة صار الإنسان بالغا .
ويترتب على ذلك : أن المسئول عنه إن كان بالغا، وقت حصول هذا الأمر ، ففيه التفصيل السابق، فإن كان قتله عمدا، فعليه القصاص إلا أن يعفو أولياء المقتول.
وأما إن كان غير بالغ، فإن
عمده له حكم الخطأ عند الجمهور، فعلى عاقلته الدية، ولا قصاص عليه .
وفي وجوب الكفارة عليه : خلاف.
جاء في " الموسوعة الفقهية" (32/ 330): " جمهور الفقهاء على أن عمد الصبي والمجنون
والمعتوه: كالخطأ ؛ في وجوب الدية على العاقلة ، ولا قصاص فيه ، لأنهم ليسوا من أهل
القصد الصحيح. والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : (رفع القلم عن ثلاثة :
عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يكبر ، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق) .
ولأن القصاص عقوبة مغلظة ، فلم تجب على الصبي وزائل العقل ، كالحدود " انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم : (186976) .
وجمهور أهل العلم – أيضا -
يرون وجوب الكفارة عليه ، وهي عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين .
وذهب الحنفية إلى أنه لا كفارة على الصغير والمجنون ؛ لأن الكفارة حق لله ، فلا
تلزمهما ؛ لأنهما ليسا من أهل التكليف .
ينظر "المغني" (8/513) ، و"حاشية الروض المربع" (7/289) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ذهب أبو حنيفة وجماعة من العلماء : إلى أنه لا
كفارة على الصغير والمجنون ، قالوا : لأن الكفارة حق لله ، وليست حقاً مالياً محضاً
؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : ( رفع القلم عن ثلاثة ) ومنهم الصغير والمجنون
، فلا تلزمهما الكفارة ؛ لأنهما ليسا من أهل التكليف...
وما ذهب إليه أبو حنيفة أقرب إلى الصواب مما ذهب إليه جمهور أهل العلم ، وإن كان
قولهم له حظ من النظر ؛ لأنهم يقولون : إن الله أوجب الكفارة في الخطأ ، فدل ذلك
على عدم اشتراط القصد ، وإنما يشترط التكليف في العبادات من أجل القصد الصحيح ،
والصغير والمجنون لا قصد لهما ، فلا تجب عليهما العبادات ، ووجوب الكفارة في القتل
ليس من شرطها القصد بدليل وجوبها على المخطئ.
وهذا القول وجيه جداً ، ولكن يُقال : إن أصل التكليف ليس بلازم لمن ليس بمكلف ،
وهذا التعليل عندي أقوى من تعليل الجمهور " انتهى من " الشرح الممتع " (14/184).
وعلى مذهب الجمهور، وهو وجوب
الكفارة على الصبي ، ونظرا لعدم وجود الرقاب التي تعتق، فيتعين الصوم ، ولهم في صوم
الصبي قولان:
الأول: أنه يجزئه الصوم حال الصبا، وهو مذهب الشافعية.
الثاني: أنه يؤخر الصوم حتى يبلغ ، وهو مذهب المالكية.
قال في "أسنى المطالب" (4/95): " وتجب الكفارة في مال الصبي والمجنون إذا قَتلا ،
كما علم مما مر . ويعتق الولي عنهما ، من مالهما ؛ كما يخرج الزكاة عنهما منه .
فلو عدم مالهما ، فصام الصبي المميز عن كفارته : أجزأه" انتهى.
وقال العدوي في حاشيته على "شرح كفاية الطالب الرباني" (2/ 408): "ولو أعسر كل من
الصبي والمجنون ، فاستظهر بعضهم انتظار البلوغ والإفاقة ، حتى يصوما" انتهى.
وعلى عاقلة هذا الصبي دفع
الدية لورثة البنتين ، إلا إن عفى الورثة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في أم قتلت طفلتها خطأ : " عليها أن تكفر كفارة قتل
النفس الخطأ ، وعلى عاقلتها دية لمن يرث هذه الطفلة ، لكن الدية الغالب أن الناس
يتسامحون فيها ، وتبقى الكفارة " انتهى من " اللقاء الشهري " رقم (50) .
والله أعلم .