الحمد لله.
أولا:
قد ارتكب هذا الشاب جملة من المحرمات منها الكذب على أهله بشأن المال ، والكذب على
من ساعده، ومنها العلاقة مع الفتاة التي كان يحبها .
ولهذا ، فالواجب عليه التوبة إلى الله تعالى من ذلك ، بالندم عليه، والعزم على عدم
العود إليه أبدا.
ثانيا:
لا يجوز لأحد أن يسأل الناس وهو غير محتاج، أو وهو قادر على الكسب؛ لما روى مسلم
(1041) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا
يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ ).
وروى البخاري (1475) ، ومسلم (1040) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يَزَالُ
الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي
وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ ).
ولحديث قبيصة المشهور، وينظر: سؤال رقم : (104781) .
قال النووي رحمه الله : " اتفق العلماء على النهي عن السؤال من غير ضرورة ، قال :
واختلف أصحابنا في سؤال القادر على الكسب على وجهين : أصحهما التحريم لظاهر
الأحاديث .." انتهى نقلاً من "فتح الباري" (10/408).
ثالثا:
ما أخذه هذا الشاب من طريق الكذب ، وقوله إن عليه ديونا، هو حرام عليه ، وهو من أكل
أموال الناس بالباطل، ويلزمه رده لأصحابه ، ولو بطريق خفي .
فإن تعذر الوصول إليهم ، تصدق به عنهم. وينظر: سؤال رقم : (148902) .
وذلك أنهم إنما أعطوه لأجل ما قال ، وقد تبين كذبه ، فما طابت أنفسهم بإعطائه إلا
بناء على الكذب ؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا
بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) ، وصححه الألباني في "الإرواء" (5/ 279).
وأيضا فقد نص الفقهاء على أن من أعطي مالا لسداد دينه ، لم يجز له أن يستعمله في
غير ذلك، وأنه يسترد منه إذا لم يسدد منه دينه .
قال ابن مفلح رحمه الله ـ في "الفروع" (4/340) :
" مَنْ أَخَذَ بِسَبَبٍ يَسْتَقِرُّ الْأَخْذُ بِهِ ، وَهُوَ الْفَقْرُ
وَالْمَسْكَنَةُ وَالْعِمَالَةُ والتألف : صَرَفَهُ فِيمَا شَاءَ ، كَسَائِرِ
مَالِهِ .
وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ : صَرْفُهُ فِيمَا أَخَذَهُ لَهُ خَاصَّةً، لِعَدَمِ ثبوت
ملكه عليه من كل وجه ، وَلِهَذَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إذَا أُبْرِئَ، أَوْ لَمْ يغز
" انتهى .
وينظر : "الإنصاف" للمرداوي (3/243) ، "كشاف القناع" (2/282) .
وقال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله : " (وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ
اشْتَرِ لَك) بِهَا (عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ) أَوْ نَحْوَ
ذَلِكَ (تَعَيَّنَتْ) لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ .. " .
انتهى من "أسنى المطالب" (2/479) .
وينظر جواب السؤال رقم : (191708) .
رابعا:
ما أكل أهله من هذا المال ، فلا حرج عليهم فيه؛ لعدم علمهم بحرمته ، ثم لا يحل لهم
أن ينتفعوا بشيء منه ، بعد علمهم .
والله أعلم.