الحمد لله.
وأما البطاقة المغطاة ، أي مسبوقة الدفع، فلا حرج في التعامل بها ولو أخذ البنك رسوما على إصدارها أو السحب بها أكثر من التكلفة الفعلية ؛ لأن ما يأخذه البنك هنا ليس في مقابل القرض- لعدم وجود القرض أصلا-، بل هو أجرة ، في مقابل التمكين من استعمال البطاقة.
ثانيا:
الإيداع في رصيد البطاقة يكيّف على أنه قرض من العميل للبنك، وهو كالإيداع في الحساب الجاري لديه.
جاء في قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم : 86 (3/9) بشأن الودائع المصرفية (حسابات المصارف) ، والمنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1 – 6 ذي القعدة 1415هـ ، الموافق 1 – 6 نيسان (إبريل) 1995م :
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الودائع المصرفية (حسابات المصارف) ، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله :
الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي ، حيث إن المصرف المتسلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها ، وهو ملزم شرعاً بالرد عند الطلب. ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض) مليئاً " انتهى.
وعليه : فلا يجوز أخذ هدايا أو مكافآت من البنك، على هذا الإيداع؛ لأنها هدايا على القرض، والهدية على القرض- قبل الوفاء- ممن لم تجر العادة بإهدائه قبل القرض، ممنوعة على الراجح، إلا أن يحتسبها المقرض من الدين الذي له.
وذلك لما روى ابن ماجه (2432) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ : " سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ : الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ الْمَالَ فَيُهْدِي لَهُ ؟ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى لَهُ ، أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ : فَلا يَرْكَبْهَا ، وَلا يَقْبَلْهُ ، إِلا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (6/ 159) .
ورَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (3814) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قال : " أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ لِي : إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ ، فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ : فَلا تَأْخُذْهُ ؛ فَإِنَّهُ رِبًا " .
و (القَتّ) : نبات تأكله البهائم .
وقد ورد هذا المعنى عن جماعة من الصحابة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/211) : " وكل قرض شرط فيه أن يزيده ، فهو حرام ، بغير خلاف...
وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها ، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها ، أو على أن يهدي له هدية ، أو يعمل له عملا ، كان أبلغ في التحريم .
وإن فعل ذلك من غير شرط قبل الوفاء [أي قبل سداد القرض] : لم يقبله ، ولم يجز قبوله ، إلا أن يكافئه ، أو يحسبه من دينه ، إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض ; لما روى الأثرم أن رجلا كان له على سمّاك عشرون درهما ، فجعل يهدي إليه السمك ويقوّمه ، حتى بلغ ثلاثة عشر درهما ، فسأل ابن عباس فقال : أعطه سبعة دراهم .
وعن ابن سيرين ، أن عمر أسلف أبي بن كعب عشرة آلاف درهم ، فأهدى إليه أبي بن كعب من ثمرة أرضه ، فردها عليه ، ولم يقبلها ، فأتاه أبي فقال : لقد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة ، وأنه لا حاجة لنا ، فبم منعت هديتنا ؟ ثم أهدى إليه بعد ذلك فقبل .
وعن زر بن حبيش قال : قلت لأبي بن كعب : إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد ، إلى العراق؟ فقال : إنك تأتي أرضا فاش فيها الربا ، فإن أقرضت رجلا قرضا ، فأتاك بقرضك ومعه هدية ، فاقبض قرضك ، واردد عليه هديته . رواهما الأثرم .
وروى البخاري ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : قدمت المدينة ، فلقيت عبد الله بن سلام . وذكر حديثا . وفيه : ثم قال لي : إنك بأرض فيها الربا فاش ، فإذا كان لك على رجل دين ، فأهدى إليك حمل تبن ، أو حمل شعير ، أو حمل قتّ ، فلا تأخذه ، فإنه ربا " انتهى .
وينظر : سؤال رقم : (49015)، ورقم : (147775) .
فلا يجوز أخذ هذه الهدايا (المبالغ المستعادة) ولا الخصومات التي يبذلها البنك في مقابل تعبئة الرصيد في وقت معين ، أو بمبلغ معين.
والله أعلم.