الحمد لله.
لا تعارض بين الفتويين ، فكلاهما يجعل المنع مختصا بالأذكار التي يداوم عليها
وتتعاهد ، لا مجرد الإتيان بالذكر.
ففي الفتوى رقم :(6745) قلنا: " لايجوز
إحداثُ ذِكرٍ يتعاهده المسلم ، أو يوصي به غيرَه ـ كالأوراد والمأثورات والأدعية
ـ".
وفيها أيضا نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية : " ليس لأحدٍ أنْ يَسُنَّ للنَّاسِ نوعاً
من الأذكار والأدعية غير المسنون ، ويجعلها عبادةً راتبةً يواظب الناس عليها كما
يواظبون على الصلوات الخمس ، بل هذا ابتداعُ دينٍ لم يأذن الله به" انتهى.
وهذا عين ما جاء في الفتوى الأخرى التي برقم : (122968)
: " وبالتأمل فيما ورد في السؤال من أدعية الاستغفار لم نجد فيها ما ينكره الشرع ،
أو يخالف الدين ، فلا حرج على من دعا بها واستغفر ، بشرط ألا يعتقد لها خصوصية أو
فضيلة عند الله ، أو يظن أنها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وألا يجعلها عادة
له ووردا يربطه بساعة معينة من الليل أو النهار " انتهى.
فلا حرج في دعاء الله تعالى أو ذكره بلفظ لم يرد، ما دام لفظا سليما سائغا، بشرط
ألا يجعله وردا يداوم عليه ، ويتعاهده كتعاهد الأذكار المشروعة ، فيخصص له زمانا أو
مكانا، مضاهاة لما ثبت في الشريعة من ذلك.
فلو قلت مثلا: " لا إله إلا الله فاطر السموات والأرض رب كل شيء ومليكه أنت الأحد
وأنت الصمد " فهذا ذكر حسن، لكن لا تخصه بعدد تواظب عليه ، أو تعين له وقتا، كعشر
مرات بعد فجر الخميس مثلا، فإن هذا التخصيص بدعة.
قال الشاطبي رحمه الله في بيان البدعة الإضافية: " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في
الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه
...
ومنها التزام الكيفيات والهيآت المعينة ، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ،
واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا، وما أشبه ذلك.
ومنها التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم يوجد لها ذلك التعيين في
الشريعة ، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان ، وقيام ليلته " انتهى من "الاعتصام"
(1/ 37 - 39).
فالالتزام يعني المداومة والتكرار.
والله أعلم.