الحمد لله.
الاستغفار هو طلب المغفرة من الله تعالى ، والمغفرة ستر الذنوب وتجاوز الزلات ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر ربَّه في اليوم مائة مرة ، فحري بجميع المسلمين أن تعتاد ألسنتهم وقلوبهم الاستغفار مما عساهم قد اقترفوا .
والاستغفار من الأدعية المطلقة التي لا يشترط فيها صيغة معينة ، بل يجوز للمسلم أن يدعو بها بأي صيغة يفتح الله بها عليه ، بشرط ألا تتضمن مخالفة شرعية ، أو كلمة مبتدعة .
وبالتأمل فيما ورد في السؤال من أدعية الاستغفار لم نجد فيها ما ينكره الشرع ، أو يخالف الدين ، فلا حرج على من دعا بها واستغفر ، بشرط ألا يعتقد لها خصوصية أو فضيلة عند الله ، أو يظن أنها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وألا يجعلها عادة له ووردا يربطه بساعة معينة من الليل أو النهار .
ورغم ذلك كله فقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم من أدعية الاستغفار ما هو أكمل وأفضل عند الله عز وجل ، من ذلك الدعاء الذي سماه رسولنا صلى الله عليه وسلم : " سيد الاستغفار " لما فيه من المعاني التي يحبها الله تعالى .
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ :
( سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي ، اغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ » . قَالَ : وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا ، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِهَا ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ )
رواه البخاري (6306)
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قال ابن أبي جمرة : جمع صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من بديع المعاني وحسن الألفاظ ما يحق له أنه يسمى سيد الاستغفار ، ففيه الإقرار لله وحده بالإلهية والعبودية ، والاعتراف بأنه الخالق ، والإقرار بالعهد الذي أخذه عليه ، والرجاء بما وعده به ، والاستعاذة من شر ما جنى العبد على نفسه ، وإضافة النعماء إلى موجدها ، وإضافة الذنب إلى نفسه ، ورغبته في المغفرة ، واعترافه بأنه لا يقدر أحد على ذلك إلا هو ، فلو اتفق أن العبد خالف حتى يجري عليه ما قدر عليه وقامت الحجة عليه ببيان المخالفة لم يبق إلا أحد أمرين : إما العقوبة بمقتضى العدل أو العفو بمقتضى الفضل . انتهى ملخصا .
أيضا : من شروط الاستغفار صحة النية ، والتوجه والأدب ، فلو أن أحدا حصل الشروط واستغفر بغير هذا اللفظ الوارد ، واستغفر آخر بهذا اللفظ الوارد لكن أخل بالشروط هل يستويان ؟ فالجواب أن الذي يظهر أن اللفظ المذكور إنما يكون سيد الاستغفار إذا جمع الشروط المذكورة " انتهى النقل عن الحافظ ابن حجر .
" فتح الباري " (11/100)
فالأهم في الاستغفار هو الصدق مع الله ، والتذلل إليه سبحانه ، والاعتراف الخالص بالتقصير في حقه عز وجل ، حينئذ يغفر الله وهو أرحم الراحمين .
وقد سبق في جواب رقم : (3177) ، (39775) ذكر الكثير من الأدعية الشرعية الواردة في الاستغفار والتوبة من الذنوب .
والله أعلم .
تعليق