الحمد لله.
أولا:
إذا استوفى الزواج شروطه وأركانه، من الإيجاب والقبول، والرضى، والولي والشاهدين، فهو زواج صحيح ، ولو كان شفهيا، وإنما يجب توثيق العقد لحفظ الحقوق، وليس ذلك شرطا لصحة النكاح.
ولو افترضنا أن النكاح فقد شرطا كوجود الولي أو وكيله، كان نكاحا فاسدا، ومع ذلك فلا تخرج الزوجة منه إلا بالطلاق.
قال ابن قدامة رحمه الله : " وإذا تزوجت المرأة تزويجا فاسدا , لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها" انتهى من المغني (7/ 9).
وينظر جواب السؤال رقم (256417).
ولا أثر لكون الزوجة لم تفقد بكارتها، فإنها بمجرد العقد صارت زوجة، فإذا انتقلت إلى بيت زوجها حرم عليها الخروج منه إلا بإذنه ولو إلى زيارة أهلها.
ومما يدل على اشتراط إذن الزوج في الخروج حتى لزيارة الأهل : ما جاء في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : ( أتأذن لي أن آتي أبوي ) رواه البخاري (4141) ومسلم (2770).
فإن خرجت المرأة دون إذن زوجها، كانت ناشزا عاصية لربها ولزوجها، فكيف إذا تمادت وأبت الرجوع إليه.
ثانيا:
لا يجوز للمرأة طلب الطلاق إلا لعذر شرعي يبيح ذلك، فإن لم يكن لها عذر، فإنها تعرض نفسها للوعيد الشديد من الله.
روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) صححه الألباني في صحيح أبي داود.
والبأس: هو الشدة والسبب الملجئ للطلاق.
ولا يظهر مما ذكرتَ سبب يبيح طلب الطلاق.
فعلى المرأة وأهلها أن يتقوا الله تعالى، وأن يقفوا عند حدوده، وأن يحذروا غضبه وانتقامه.
وهذه الزوجة إن أقدمت على الزواج من آخر، كان فعلها هذا زنى محرما، وجرما كبيرا.
ولا يجوز لها أن تقيم علاقة مع أجنبي عنها ولو كانت غير متزوجة، فكيف مع الزواج ، فإن هذا أشد وأشنع.
والنصيحة لك أن توسط من أهلها أو جيرانها أو أصدقائها أو إمام المسجد، من يحذرهم من عاقبة هذا المنكر، ويذكرهم بحق الزوج، ويزيل عنهم الشبهة، فإن هذا نكاح قائم لا تخرج منه المرأة إلا بالطلاق.
وقد أرشد الله إلى بعث الحكمين عند خوف النشوز فقال: (وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) النساء/34.
فلعلك تجد من أهلك وأهلها من يتولى ذلك.
ثم إنه لا إثم عليك في عدم إعطائها حقوقها من نفقة ونحوها؛ لأن الناشز لا تستحق نفقة، ولأنها هي من فوتت حقوق نفسها وعصت وأثمت.
وإن أصرت الزوجة وأهلها على موقفهم، فإنا ننصحك بفراقها فلا خير لك في مثلها.
نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.
والله أعلم.