الخميس 25 جمادى الآخرة 1446 - 26 ديسمبر 2024
العربية

نصرانية تزوجت زواجا قانونيا وتريد الزواج الشرعي من آخر دون أن يطلقها الأول

256417

تاريخ النشر : 20-02-2017

المشاهدات : 10489

السؤال

أنا أعرف نصرانية ملتزمة كانت قد تزوجت من مسلم في المحكمة. كانا قد تزوجا قبل حوالي عامين ونصف ثم انفصلت عنه منذ حوالي خمسة أشهر مضين. اتصلت هي الآن مع كنيستها وقال لها القسيس أن زواجها السابق غير صحيح في نظر الكنيسة لأنه تم في المحكمة. أخبروها بأن زواجها مسألة قانونية ويمكن لها أن تقدم على الطلاق القانوني من زوجها وعلى أية حال فهي حرة للزواج مرة أخرى. هي الآن تريد الزواج مرة أخرى لأن رأيها أنها طالما تدين بالنصرانية فهي ستقوم بما قالت لها كنيستها. الآن، سؤالي هو: هل أستطيع الزواج من تلك الفتاة؟ هي موافقة على الزواج مني في المسجد بما أنه سيكون عقد زواج شرعي وهي موافقة عليه وتعتبره زواجاً. ثانياً، هي قالت بأنه ليس لي أن أتساءل عن زواجها من الرجل الآخر لأنه كان قرارها هي وهو ما اتخذته بعد الكلام مع كنيستها. أرجو توجيهي؟

ملخص الجواب

أن هذه المرأة إما أنها مزوجة زواجا صحيحا، فلا يجوز لك تخبيبها على زوجها ، فضلا عن خطبتها ونكاحها .   وإما أنها مزوجة زواجا فاسدا، فتحتاج إلى طلاق من زوجها حتى يمكنها التزوج من غيره.  

الجواب

الحمد لله.

أولا :

يجوز الزواج من الكتابية بشرط أن تكون عفيفة، ولعل هذا مرادك بقولك: إنها ملتزمة.

قال الله تعالى: ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) المائدة/5

لكن الزواج من مسلمة أولى.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله : "فإذا كانت الكتابية معروفة بالعفة والبعد عن وسائل الفواحش جاز؛ لأن الله أباح ذلك وأحل لنا نساءهم وطعامهم.

لكن في هذا العصر يُخشى على من تزوجهن شر كثير، وذلك لأنهن قد يدعونه إلى دينهن وقد يسبب ذلك تنصر أولاده، فالخطر كبير، والأحوط للمؤمن ألا يتزوجها، ولأنها لا تؤمن في نفسها في الغالب من الوقوع في الفاحشة، وأن تعلّق عليه أولادا من غيره... لكن إن احتاج إلى ذلك فلا بأس حتى يعف بها فرجه ويغض بها بصره ، ويجتهد في دعوتها إلى الإسلام، والحذر من شرها وأن تجره هي إلى الكفر أو تجر الأولاد" انتهى نقلا عن : فتاوى إسلامية (3/172).

ولا يجوز عقد النكاح في الكنيسة؛ لما في ذلك من المنكر العظيم، وهو إقرار الشرك بالله تعالى فيما يرددونه من كلماتهم عند العقد.

ثانيا :

إذا كانت هذه المرأة قد تزوجت من مسلم ، فلا يحل لك الزواج منها ، حتى ينفسخ نكاحها من الزوج الأول ، بطلاق ، أو فسخ أو نحو ذلك .

فإن هذا الزواج الأول : إما أن يكون صحيحا ، على ما نعتقده في شرعنا ، أو يكون زواجا فاسدا.

فأما إذا كان زواجا صحيحا ، فالأمر فيه ظاهر : أنه لا يحل لرجل أن يقدم على الزواج بامرأة مزوجة من آخر ، ولو كانت كتابية ، وزجها مسلم .

بل لو كانت كتابية ، وزوجها كتابي ـ أيضا ـ لم يحل لمسلم أن يتزوج بها ، وهي في نكاحها الأول .

بل لا يحل لمسلم أن يخبب امرأة على زوجها ، مسلمة كانت أو كتابية . لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ). رواه أبو داود (2175) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

قال الشيخ عبد العظيم آبادي - رحمه الله -: (مَن خبَّب): بتشديد الباء الأولى، أي: خدع وأفسد.

(امرأة على زوجها): بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته، أو محاسن أجنبي عندها " انتهى من " عون المعبود " (6/ 159).

وأما إذا افترضنا أن الزواج الأول : كان نكاحا فاسدا : فليس لها ـ أيضا ـ أن تخرج منه ، ولا أن تدخل في نكاح آخر ، حتى ينتهي عقدها الأول بتطليق الزوج لها ، أو فسخ يتولاه قاض مسلم ، ولا يكفي التطليق القانوني هنا ، ولا تحل به لك ، أو لغيرك .

فإنهما لما عقدا ذلك النكاح الفاسد ، ودخلا فيه ، وهما يعتقدان صحته : لم يكن لهما أن يخرجا منه ، ولا أن ينقضاه ، إلا بما يخرجان به من عقد النكاح الصحيح . لا سيما وقد مضى عليه ذلك الوقت كله ؛ فهل كان يحل لها هذا النكاح فيما مضى ، وهي مع زوجها ، ثم لما أرادت النكاح منك ، صار حراما ، أو صار كأن لم يكن شيء ؟!

بل إن سؤالها القسيس ، بعد ما مضى هذا الوقت كله ، وقولها ذلك لك : هو نوع من التلاعب ، واتباع الهوى ، لأجل رغبتها في إنهاء نكاحها الأول ، والدخول في نكاح جديد ، هكذا بمجرد رغبتها ، وقرارها !!

قال ابن قدامة رحمه الله: " وإذا تزوجت المرأة تزويجا فاسدا لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها وإذا امتنع من طلاقها فسخ الحاكم نكاحه نص عليه أحمد" انتهى من المغني (7/ 342).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:" النكاح فاسد في أصح قولي العلماء، لكن ليس لها أن تتزوج إلا بعد تطليقه لها، أو فسخ نكاحها منه بواسطة الحاكم الشرعي؛ خروجاً من خلاف من قال إن النكاح صحيح ". انتهى " مجموع فتاوى ابن باز" (20/ 411).

وانظر السؤال رقم (127179) ورقم (217698) .

ولا عبرة بقول القسيس ، فإنه ربما اعتقد أن النكاح لا يصح إلا إذا كان في الكنيسة.

ثم إننا نبحث هنا عن صحة النكاح في ديننا وشرعنا ، فهذا هو الواجب عليك ، ولا عبرة عندنا بقول القسيس من عدمه ، ولا يترتب عليه شيء ، ألبتة .

ولا يصح قول المرأة: إنه ليس لك السؤال عن زواجها الأول، بل لا يجوز لك الزواج منها حتى تعلم حكم الزواج الأول وكونها الآن غير مزوجة.

والحاصل : أن هذه المرأة إما أنها مزوجة زواجا صحيحا، فلا يجوز لك تخبيبها على زوجها ، فضلا عن خطبتها ونكاحها .

وإما أنها مزوجة زواجا فاسدا، فتحتاج إلى طلاق من زوجها حتى يمكنها التزوج من غيره.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: اللقاء الشهري 17