الحمد لله.
أولا:
عدة المطلقة الرجعية التي تحيض: ثلاث حيضات؛ لقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) البقرة/228
وقد اتفق الفقهاء على أن المرأة التي تحيض : عدتها ثلاثة قروء؛ للآية السابقة .
ثم اختلفوا في القرء : هل هو الحيض أو الطهر؟
والذي تدل عليه الأدلة، وهو مذهب الحنفية والحنابلة : أن القرء هو الحيض . فمتى انقضت حيضتها الثالثة ، واغتسلت منها : فقد انتهت عدتها.
وأما على القول بأن القرء هو الطهر، كما هو مذهب المالكية والشافعية، فإن عدة المرأة تنتهي برؤية الدم من الحيضة الثالثة، إن كان قد طلقها وهي طاهر، أو برؤية الدم من الحيضة الرابعة، إن كان قد طلقها وهي حائض.
ينظر: المغني (8/ 81 - 84).
وأما المطلقة الحامل : فعدتها إلى وضع الحمل؛ لقوله تعالى : ( وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) الطلاق/4
ولا تحسب العدة بالشهور إلا للصغيرة التي لا تحيض، أو للآيسة التي لا تحيض؛ لقوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ) الطلاق/4
ثانيا:
المطلقة الرجعية أثناء العدة لها حكم الزوجة .
فلو حملت في هذه المدة : نسب الحمل إلى الزوج .
وليس له أن ينفي الولد إلا باللعان .
فإن تيقن الزوج ، أو غلب على ظنه ، أن الولد ليس منه : فله أن ينفيه عن نفسه ، بملاعنته لزوجته .
وينظر : سؤال رقم (33615) ورقم (33615).
ومعلوم أن الحمل قد يتأخر اكتشافه لشهور.
قال في زاد المستقنع : " وهي - أي المطلقة الرجعية - زوجة ، لها ، وعليها : حكم الزوجات ، لكن لا قسم لها " انتهى .
والفقهاء يقولون: لو أتت بولد لأقل من أربع سنوات منذ طلقها زوجها، نسب إليه، لأن الحمل قد يبقى أربع سنين ، وإن كان ذلك قليلا أو نادرا.
قال العز ابن عبد السلام رحمه الله ، في سياق بيان : ما أُثبت على خلاف الظاهر :
" إذا أتت الزوجة بالولد لدون أربع سنين من حين طلقها الزوج ، بعد انقضاء عدتها بالأقراء : فإنه يلحقه ، مع أن الغالب الظاهر أن الولد لا يتأخر إلى هذه المدة ." . انتهى من "قواعد الأحكام" (2/122).
وقال في "مطالب أولي النهى" (5/551) : " ( ومن ثبت ) أنه وطئ امرأته بشهادة رجلين ، عيانا ، فلا يكفي أقل منهما ( أو أقر أنه وطئ امرأته ، في الفرج أو دونه ، فولدت لنصف سنة فأكثر ، ولو بعد أربع سنين : لحقه ) نسب ما ولدته ; لأنها صارت فراشا له بوطئه ، ولأن سعدا نازع عبد بن زمعة فقال : هو أخي وابن وليدة أبي ، ولد على فراشه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (هو لك يا عبد بن زمعة ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ) متفق عليه " انتهى .
فعلى هذا ينسب الولد إلى الزوج، سواء راجعها في العدة ، أو لم يراجعها.
وليس له أن ينفيه إلا باللعان.
وينظر: جواب السؤال رقم (180796) ورقم (223180).
ثالثا:
إذا كان الزوج قد راجع زوجته قبل انتهاء عدتها- كما سبق بيانها- فالرجعة صحيحة.
وإن كان ذلك بعد انتهاء عدتها، فلا تصح الرجعة، وقد بانت منه بينونة صغرى .
فإن أحب أن تعود إليه : لزم أن يعقد النكاح برضاها، في حضور الولي أو وكيله، وشاهدي عدل.
والله أعلم.