الحمد لله.
أولا:
تقدم لنا الكلام على الجيلاتين المستخلص من الخنزير، في أجوبة عدة، وحاصله:
1- أنه لا يجوز استخراج الجيلاتين من لحوم وعظام وجلود الخنزير أو الحيوانات المباحة التي لم تذكَ ذكاة شرعية .
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي : " يجوز استعمال الجيلاتين المستخرج من المواد المباحة ، ومن الحيوانات المباحة ، المذكَّاة تذكية شرعية ، ولا يجوز استخراجه من محرم : كجلد الخنزير وعظامه وغيره من الحيوانات والمواد المحرمة" انتهى من " قرارات المجمع الفقهي الإسلامي " للرابطة (ص: 85).
2- مع القول بتحريم استخراج الجيلاتين من هذه المواد المحرمة ، إلا أن حكم تناوله بعد دخوله في صناعة الغذاء والدواء : يتوقف على تحقق الاستحالة في الجيلاتين بعد دخول الصنعة عليه -على القول بأن الاستحالة مطهرة ومبيحة، وهو الراجح عندنا-.
فإذا كان الجيلاتين بعد صنعه ومعالجته قد تحوَّل لمادة أخرى تختلف عن العين النجسة التي تم استخراجه منها في الصفات والخصائص : فلا حرج في أكله وتناوله .
وأما إذا لم يتحول تحولاً كاملاً ، بل بقي محافظاً على شيءٍ من صفات وخصائص العين النجسة التي أُخذ منها : فلا يجوز تناوله أبداً ، لأنه جزء من الخنزير أو العين النجسة .
3- أنه بالرجوع إلى كلام المختصين في هذا الشأن تبين أنهم مختلفون في هذا الأمر ، فمنهم من يقول إن الاستحالة التي في الجيلاتين كاملة ، ومنهم من ينفي ذلك .
وقد سبق تفصيل هذا في جواب السؤال رقم (219137) وانتهينا فيه إلى ترجيح منع تناول الطعام المشتمل على هذا الجيلاتين المأخوذ من الخنزير.
ثانيا:
ينبني على ذلك تحريم بيع الأطعمة والحلويات والمنظفات المشتملة على هذا النوع من الجيلاتين؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، فإذا حرم تناول هذا الطعام، حرم بيعه على من يتناوله، إضافة إلى كون المبيع المحرم ، ليس مالا متقوما، فلا ينعقد بيعه أصلا.
والمال المتقوَّم: ما كان مباح النفع مطلقا.
فإن أمكن أن تعمل في هذه الشركة دون أن توزع أو تبيع أو تعين على بيع هذه المنتجات، فلا حرج حينئذ .
وإن لم يمكنك : حرم العمل.
واعلم أن من اتقى الله تعالى وقاه، ومن أقبل عليه زاده، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق:2،3).
وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِيَ : أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا ، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا ؛ فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ . وَلَا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ ، أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةٍ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ
رواه أبو نعيم في الحلية (10/26) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 2085
والله أعلم.