الحمد لله.
الشراء لشركة أو لفرد يكون على أحد وجهين :
الأول : أن يشتري السلعة لنفسه ، ثم يبيعها عليهم ، فهو في هذه الصورة بائع ، له أن يربح عليهم ، ولا يلزمه أن يخبرهم بمقدار ربحه ، بل يقول لهم : أبيعها عليكم بكذا ، ويكون معلوما من ذلك أنه بائع لهم ، وليس وكيلا – مندوبا - عنهم في الشراء .
ولا يجوز له أن يُوهمهم بأن المسجل في الفاتورة هو ثمنها الذي اشتراها به ، بل يخبرهم أن المسجل فيها هو القيمة التي سيبيع بها عليهم .
على أن يكون ثمن السلعة مع هذه الزيادة في حدود ثمن المثل ، وأن يقبض السلعة قبل بيعها عليهم ؛ لئلا يبيع ما لا يملك.
الثاني : أن يكون وكيلا عنهم في الشراء لهم ، ففي هذه الحال يجب عليه أن يبين لهم الثمن الحقيقي الذي اشتراها لهم به ، وعليه أن يعمل لمصلحتهم بأمانة ونصح ، فلا يربح عليهم من دون علمهم .
وله أن يتفق معهم على أجرة يتقاضاها منهم على هذه الوكالة في الشراء لهم ، ما دامت خارجة عن حدود عمله الذي استؤجر عليه .
والفرق بين الصورتين بيّن واضح ، فالأول ستكون صفته : أنه تاجر ، يبيع على الشركة ، والثاني وكيل يشتري لها .
ولابد من الصدق والبيان ، في كل حال .
وكثير من الشركات والأصدقاء لا يرضى بأن تكون بائعا عليه ما دمت لست تاجرا ، بل يطلب منك أن تكون وكيلا في الشراء له .
ومن خيانة الأمانة أن يظهر أمامهم بمظهر الوكيل الذي يعمل لحظهم ومصلحتهم ، وهو في الحقيقة يبيع عليهم ، ويتربح منهم دون علمهم ، ويأتيهم بالفواتير التي يظهر منها أنه لم يستفد منهم شيئا ، بل قد يشكرونه ويعطونه أجرة على هذه الوكالة ، فيأخذها سحتا زيادة على السحت الأول .
وينظر جواب السؤال (152859) ، (218034) .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/275) : " يجب على المسلم الصدق في المعاملة ، ولا يجوز له الكذب وأخذ أموال الناس بغير حق .
ومن ذلك من وكّله أخوه في شراء شيء له : لا يجوز له أن يأخذ منه زيادة على الثمن الذي اشترى به ، كما لا يجوز للذي باع عليه أن يكتب في الفاتورة ثمناً غير حقيقي ليغرر بالموكّل ؛ فيدفع زيادة على القيمة الحقيقية ، يأخذها الوكيل ؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان ، ومن أكل أموال الناس بالباطل ، ولا يحل مال مسلم إلا بطيبة من نفسه" انتهى .
وقد ذكر العلماء أن من لم يكن مُعدًّا للعمل ، أي : ليس هذا العمل من شأنه ، ولم تجر العادة بأنه يعمله بأجرة ، فإنه إذا قام به فإنه يكون متبرعا لا يستحق أجرة ، إلا أن يشترط ذلك على من عمل له ، قبل أن يعمل .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "إذا كان الإنسان قد أعد نفسه للعمل : فجاء شخص وأعطاه الثوب وقال : خط لي ثوباً ، فله أن يأخذ عوضاً ؛ لأنه قد أعد نفسه للعمل .
أما إذا لم يعد نفسه للعمل : فليس له شيء ، فقد أعطاه على أنه محسن .
فصار : كل من عمل لغيره عملاً بلا عقد ، فإنه ليس له شيء ، إلا في ثلاث أحوال :
الأولى : إنقاذ مال المعصوم من الهلكة . الثانية : رد [ العبد ] الآبق . الثالثة : إن أعد الإنسان نفسه للعمل" . انتهى من الشرح الممتع (10/88).
والله أعلم .