الحمد لله.
قد قدمنا في جواب سؤالك (268998) أن ثمن علاج والدك واجب عليك؛ لأن العلاج من جملة النفقة، فإذا احتاج إليه الوالد وجبت على القادر من أبنائه.
وما ذكرته هنا من اعتبار تنازله لك عن السيارة بيعاً لك، لا يصح؛ فإن البيع لابد فيه من التصريح، وقد ذكرت أن تسجيل السيارة باسمك ما كان إلا لأجل تجنيبه المشقة في متابعة الترخيص ونحوه.
ويؤكد ذلك أنك عزمت على أن تعيدها للتركة ، إن مات والدك ، وأوصيت زوجتك ...
وحين احتاج والدك لثمن العلاج، كان يمكن بيع السيارة ، أو بيع شيء من أملاكه التي لا يحتاجها للوفاء بذلك، وحيث إن ذلك لم يحصل، فما قمت به من بذل المال في ذلك وقع موقع الواجب عليك، ولا يجوز أن تعتبره دينا على والدك، ولا ثمنا لسيارته.
وعليه : فما قمت به من اعتبار السيارة ملكا لك، وأن ثمنها دين عليك ، وأن ما بذلته في العلاج هو سداد لما عليك: خطأ بيّن، وعليك أن تدخل السيارة في التركة .
فإن رضي الورثة بأخذك لها، وتعويضهم مالا : فلا حرج .
وكذلك إن تنازلوا عن حقهم فيها لك : فلا حرج .
وإن لم يرضوا بذلك : فإنها تباع ويقسم ثمنها على الورثة.
وننبه على أن من أنفق على غيره ولو تبرعا – في حال لم تجب عليه النفقة- أنه إذا لم ينو الرجوع والمطالبة : فليس له الرجوع، ورجوعه محرم لأنه رجوع في الهبة.
وأما إذا كان الإنفاق عليه واجبا، فإنه لا يصح له نية الرجوع والمطالبة من أصله .
قال البهوتي في كشاف القناع (4/ 27): " (فإن لم يستأذن) المنفِق ، من مستأجِر أو غيره (الحاكم ، وأنفق بنية الرجوع : رجع) على ربها بما أنفقه ؛ لأنه قام عنه بواجب غير متبرع به ، وتقدم في الرهن . (وإلا) ينو الرجوع : (فلا) رجوع له ؛ لأنه متبرع" انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/ 205) : " لي والد يناهز من العمر حوالي خمسة وسبعين عاما، ولا زال على قيد الحياة، له بيت مبني من الطين وقديم ، ويقع في مكان مناسب، وقمت بهدم البيت وإعادة بنائه من جديد من المسلح على حسابي أنا ... الخ ".
وجاء في الجواب : " أما ما ذكرته من إنفاقك على بيت أبيك :
فإن كنت متبرعا بذلك في قرارة نفسك وقت الإنفاق : فالله يأجرك ، وليس لك الرجوع به على والدك .
وإن كنت أنفقته بنية الرجوع : فلك ذلك " انتهى .
والله أعلم.