الحمد لله.
هذا الحديث ليس له أصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما رواه قتادة بن دعامة السدوسي مرسلا ، فقال: " ذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ الَّذِي لَقِيَتْ أُمَّتُهُ بَعْدَهُ ، فَمَا زَالَ مُنْقَبِضًا ، مَا انْبَسَطَ ضَاحِكًا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ".
أخرجه الطبري في "تفسيره" (20/600) من طريق سعيد ومعمر ، وعبد الرزاق في "تفسيره" (3/169) من طريق معمر ، كلاهما عن قتادة به .
والحديث من مراسيل قتادة ، وهو معدود في أصحاب الطبقة الرابعة ، وهم مَنْ أكثر رواياتهم عن كبار التابعين ، والمرسل ضعيف كما هو معلوم ، حيث لم يسم قتادة الواسطة بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما ما ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (7/379) حيث قال :" أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) الزخرف/41 ، قَالَ: قَالَ أنس رَضِي الله عَنهُ: ذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبقيت النقمَة ، فَلم يُرِ الله نبيه فِي أمته شَيْئا يكرههُ حَتَّى قُبِضَ ، وَلم يكن نَبِي قطّ إِلَّا وَقد رأى الْعقُوبَة فِي أمته إِلَّا نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، رأى مَا يُصِيب أمته بعده ، فَمَا رُؤِيَ ضَاحِكا منبسطاً حَتَّى قبض ". اهـ
ففيه نظر في عزوه ، حيث أدخل حديثا مرفوعا مع قول قتادة ، فإن حديث أنس أخرجه الحاكم في "المستدرك" (3672) من طريق مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) الزخرف/41 ، فَقَالَ: قَالَ أَنَسٌ:" ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَقِيَتِ النِّقْمَةُ ، وَلَمْ يُرِ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّتِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ حَتَّى مَضَى ، وَلَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا وَقَدْ رَأَى الْعُقُوبَةَ فِي أُمَّتِهِ إِلَّا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ » .
هكذا رواه الحاكم ، ولم يزد على ذلك .
أما الشق الآخر وهو محل السؤال فلم يروه الحاكم إنما تخريجه كما مرّ ، وليس له إسناد متصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو عن قتادة قال :" وذكر لنا .." . هكذا مرسلا ، والله أعلم .