الحمد لله.
أولا :
التردد إذا كان في أصل النية فهو مؤثر وتبطل به العبادة ، كمن ينوي أنه يريد الصلاة ولا يريد، أو ينوي أن يعتمر ولا يعتمر، فهذا التردد يفسد العبادة .
أما التردد الذي ذكره السائل فليس ترددا في أصل النسك ، بثبوت أو عدم ، وإنما هو تردد مبني على صحة العمرة الأولى من عدمها ؛ فمتى كان في عمرته الأولى خلل يمنع صحتها ، وقعت هذه العمرة عن نفسه ، ومتى كانت صحيحة : صح إهلاله عن جده .
وقد ثبت عن جابر رضي الله عنه قال : "قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِسِعَايَتِهِ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟
قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ: فَأَهْدِ، وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ .
قَالَ: وَأَهْدَى لَهُ عَلِيٌّ هَدْيًا.
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
"فَدَلَّ هَذَا عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْزِي عَنْ أَحَدٍ إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَ فَرِيضَةً بِعَيْنِهَا وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ، وَيُجْزِئُ بِالسُّنَّةِ الْإِحْرَامُ .
فَلَمَّا دَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْءِ أَنْ يُهِلَّ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ حَجًّا بِعَيْنِهِ ، وَيُحْرِمَ بِإِحْرَامِ الرَّجُلِ ، لَا يَعْرِفُهُ ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَهَلَّ مُتَطَوِّعًا ، وَلَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْفَرِيضَةِ : كَانَتْ حَجَّةَ الْفَرِيضَةِ .
وَلَمَّا كَانَ هَذَا ، كَانَ إذَا أَهَلَّ بِالْحَجِّ عَنْ غَيْرِهِ ، وَلَمْ يُهْلِلْ بِالْحَجِّ عَنْ نَفْسِهِ : كَانَتْ الْحَجَّةُ عَنْ نَفْسِهِ، وَكَانَ هَذَا مَعْقُولًا فِي السُّنَّةِ مُكْتَفًى بِهِ عَنْ غَيْرِهِ" انتهى من "الأم" (2/139) .
ثانيا :
إذا أخطأ الإنسان في العمرة أو الحج ، فالواجب على السائل أن ينظر الخطأ الذي ارتكبه، ويسأل أهل العلم عنه ، أهو مما يُجبر بفدية ؟ أو يكفي فيه الاستغفار؟ أو ماذا يلزمه فيه .
وينظر جواب السؤال : (273955) .
وأما إن كانت المسألة مجرد شكوك أو وساوس ، إنما طرأت بعد انتهاء العمرة ؛ فالشك بعد الفعل وسواس لا عبرة به ولا ينبغي الالتفات إليه ، لا سيما إذا لم يكن له مستند ظاهر .
والله أعلم .