الحمد لله.
وإن كان المال في يده ، فيلزمه التخلص منه بإنفاقه في وجوه الخير، وإعطائه الفقراء والمساكين.
إلا إذا كان محتاجا فإنه يأخذ منه قدر الحاجة ، ويتخلص من الباقي .
قال ابن القيم رحمه الله : " المسألة الثانية : إذا عاوض غيره معاوضة محرمة وقبض العوض ، كالزانية والمغنى وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم ، ثم تاب والعوض بيده :
فقالت طائفة : يرده إلى مالكه ؛ إذ هو عين ماله ، ولم يقبضه بإذن الشارع ، ولا حصل لربه في مقابلته نفع مباح .
وقالت طائفة : بل توبته بالتصدق به ، ولا يدفعه إلى من أخذه منه . وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أصوب القولين ... ". انتهى من "مدارج السالكين" (1/389).
وقد بسط ابن القيم الكلام على هذه المسألة في "زاد المعاد" (5/778) ، وقرر أن طريق التخلص من هذا المال وتمام التوبة ، إنما يكون : " بالتصدق به .
فإن كان محتاجا إليه : فله أن يأخذ قدر حاجته ، ويتصدق بالباقي " انتهى .
وقال شيخ الإسلام : " فإن تابت هذه البغي وهذا الخمار ، وكانوا فقراء : جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم .
فإن كان يقدر يتجر ، أو يعمل صنعة ، كالنسيج والغزل : أعطي ما يكون له رأس مال.
وإن اقترضوا منه شيئا ليكتسبوا به .. ، القرض كان أحسن " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/308).
وعليه :
فيجوز لهذا الرجل أن يأخذ من المال المحرم بقدر حاجته ، للعملية ، أو للنفقة .
أو أن يأخذ ما يجعله رأس مال ، لتجارة يعيش منها . ثم يتصدق برأس المال المقترض ، متى استغنى عنه .
أو يقترض من هذا المال على نية أن يرده ، إذا تيسر له.
فلا حرج لو اعتبر العمارة أو المغسلة رأس مال يأخذ من إيراده قدر حاجته ، ويتخلص من الباقي.
ثانيا:
لا يجوز إيداع المال في البنوك الربوية إلا بنية الحفظ ، ويقتصر على الإيداع في الحساب الجاري دون التوفير.
ولا حاجة هنا لحفظ المال ، بل يبادر للتخلص منه ، فيعطيه الفقراء والمساكين ، ويبني المدارس والمستشفيات ونحوها مما فيه مصلحة للمسلمين.
ونسأل الله أن يتقبل توبته وأن يعفو عنه.
والله أعلم.