الثلاثاء 25 جمادى الأولى 1446 - 26 نوفمبر 2024
العربية

كيف يتخلص من المال الحرام المستثمر في العقارات وهل يأخذ منه لحاجته ؟

288163

تاريخ النشر : 20-05-2018

المشاهدات : 5427

السؤال

هناك شخص جمع ثروة ضخمة من ارتكاب الفاحشة (الزنى) ، ولكنه تاب الآن ، ولا يعرف ماذا يفعل بهذا المال ؛ وماله ينقسم الى قسمين : قسم موجود في ثلاث بنوك أوروبية ، وهو اكثر من 100 مليون دولار ، والقسم الثاني : قام باستثماره ، وبنى به عمارة مكونة من 15 شقة ، و3 محلات ، وقام بتأجيرهم ؛ ومنذ توبته لم يلمس أبدا المال الذي يحصل عليه من إجار العمارة ، بل كل هذه الأموال موضوعة في البنك ، وهو الآن يعيش بمال حلال يتحصل عليه من تأجير مزرعة والده ، لكنه غير كافي ، وأيضا هو مريض ، ويحتاج لإجراء عملية ، وهو يرفض إجرائها بمال حرام ، وهو يسال ماذا يفعل بالعمارة ؟ كيف يتصرف مع أموال الايجار الموجودة في البنك ؟ وماذا يفعل بالأموال الموجودة في البنوك الأوروبية ؟ أرجو الرد بالتفصيل ؛ لأنه لا يعرف كيف يتصرف ، وهو أيضا يفكر بأخذ جزء من الأموال الموجودة في البنوك الأوروبية ، ويستثمرها ، وبعدها يقوم بالتصدق برأس المال ، فهل يجوز هذا ؟ وأيضا هو يملك مغسلة كبيرة بناها بمال حرام ، وبعد توبته قام بإغلاقها ، ولم يستفد منها؛ فكيف يتصرف مع كل من المغسلة والعمارة ، وأيضا مال إجار العمارة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا:
من اكتسب مالا بطريق محرم كالزنا أو الرشوة أو أجرة الغناء، ثم تاب إلى الله تعالى، فإن كان قد أنفق المال ، فلا شيء عليه .

وإن كان المال في يده ، فيلزمه التخلص منه بإنفاقه في وجوه الخير، وإعطائه الفقراء والمساكين. 

إلا إذا كان محتاجا فإنه يأخذ منه قدر الحاجة ، ويتخلص من الباقي .

قال ابن القيم رحمه الله : " المسألة الثانية : إذا عاوض غيره معاوضة محرمة وقبض العوض ، كالزانية والمغنى وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم ، ثم تاب والعوض بيده :

فقالت طائفة : يرده إلى مالكه ؛ إذ هو عين ماله ، ولم يقبضه بإذن الشارع ، ولا حصل لربه في مقابلته نفع مباح .
وقالت طائفة : بل توبته بالتصدق به ، ولا يدفعه إلى من أخذه منه . وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أصوب القولين ... ". انتهى من "مدارج السالكين" (1/389).

وقد بسط ابن القيم الكلام على هذه المسألة في "زاد المعاد" (5/778) ، وقرر أن طريق التخلص من هذا المال وتمام التوبة ، إنما يكون : " بالتصدق به .

فإن كان محتاجا إليه : فله أن يأخذ قدر حاجته ، ويتصدق بالباقي " انتهى .

وقال شيخ الإسلام : " فإن تابت هذه البغي وهذا الخمار ، وكانوا فقراء : جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم .

فإن كان يقدر يتجر ، أو يعمل صنعة ، كالنسيج والغزل : أعطي ما يكون له رأس مال.

وإن اقترضوا منه شيئا ليكتسبوا به .. ، القرض كان أحسن " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/308).

وعليه :

فيجوز لهذا الرجل أن يأخذ من المال المحرم بقدر حاجته ، للعملية ، أو للنفقة .

أو أن يأخذ ما يجعله رأس مال ، لتجارة يعيش منها . ثم يتصدق برأس المال المقترض ، متى استغنى عنه .

أو يقترض من هذا المال على نية أن يرده ، إذا تيسر له.

فلا حرج لو اعتبر العمارة أو المغسلة رأس مال يأخذ من إيراده قدر حاجته ، ويتخلص من الباقي.

ثانيا:
لا يجوز إيداع المال في البنوك الربوية إلا بنية الحفظ ، ويقتصر على الإيداع في الحساب الجاري دون التوفير.
 

ولا حاجة هنا لحفظ المال ، بل يبادر للتخلص منه ، فيعطيه الفقراء والمساكين ، ويبني المدارس والمستشفيات ونحوها مما فيه مصلحة للمسلمين.

ونسأل الله أن يتقبل توبته وأن يعفو عنه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب