الحمد لله.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: " لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى. مَالِي لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا " رواه البخاري (5931) ، ومسلم (2125).
والنمص في اللغة هو نتف الشعر.
قال ابن فارس رحمه الله تعالى :
" (نَمَصَ) النُّونُ وَالْمِيمُ وَالصَّادُ أُصَيْلٌ يَدُلُّ عَلَى رِقَّةِ الشَّعْرِ أَوْ نَتْفٍ لَهُ " انتهى من "معجم مقاييس اللغة" (5 / 481) .
والحلق والإحفاء شبيه بالنتف في الصورة ، وإن اختلفا في الوسيلة؛ ولذا ألحق جماعة من أهل العلم الحلق بالنتف في النهي.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (14 / 81):
" اتفق الفقهاء على أن نتف شعر الحاجبين: داخل في نمص الوجه المنهي عنه بقوله صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله النامصات، والمتنمصات ).
واختلفوا في الحف والحلق، فذهب المالكية والشافعية إلى أن الحف في معنى النتف" انتهى.
واستدل الألباني رحمه الله تعالى على أن الحلق محرم كالنتف، بإحدى الروايات الواردة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ؛ حيث قال:
" عن قبيصة بن جابر قال: " كنا نشارك المرأة في سورة القرآن نتعلمها، فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود في بيته، في ثلاثة نفر، فرأى جبينها يبرُق، فقال أتحلقينه؟! فغضبت، وقالت: التي تحلق جبينها امرأتك! قال فادخلي عليها، فإن كانت تفعله، فهي مني بريئة، فانطلقت، ثم جاءت، فقالت: لا والله، ما رأيتها تفعله، فقال عبد الله ابن مسعود: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره ..." وسنده حسن.
وفيه أن النتف يشمل غير الحاجب، وأن الحلق مثله. فتنبه " انتهى من "آداب الزفاف" (ص 203 - 204).
وبهذا أفتى علماء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء؛ حيث قالوا :
" لا يجوز للمرأة الأخذ من شعر الحاجب، لا بقص ولا نتف ولا حلق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله النامصة والمتنمصة )، والنامصة هي: التي تأخذ شعر حواجبها، والمتنمصة هي: التي تطلب من غيرها أن يزيل شعر حواجبها.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
بكر أبو زيد ، صالح الفوزان ، عبد العزيز آل الشيخ ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية" (4 / 66).
والمحرم يجب أن يجتنب، إلا لضرورة أو حاجة ملّحة.
والذي يظهر: أن الحلق من أجل تكثيف الحاجب، ليس مما يدخل في باب الضرورة ولا الحاجة؛ لأن خفة شعر الحاجب، ليست قبحا يلحق به حرج ومشقة؛ وإنما غايته أنه نقص في الحسن؛ وارتكاب النمص لمجرد زيادة الحسن، منهي عنه، كما يشير الحديث.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" وأما قوله: ( المُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ) فمعناه يفعلن ذلك طلبا للحسن.
وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاج، أو عيب في السن ونحوه: فلابأس . والله أعلم " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (14 / 106 – 107).
وإما إذا بلغت خفة الشعر حدا يتأذى به عامة الناس، أو يشين صاحبه، في المعتاد من أحوالهم: فالذي يظهر أنه لا بأس بحلقه، إذا غلب على الظن نبات الشعر بعد حلقه، على وجه صالح، يندفع به الشين الظاهر.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (217839) ، ورقم : (150492) .
والله أعلم.