الحمد لله.
لا يجوز للأب أن يأخذ من مال ولده إلا عند الحاجة، في قول جمهور الفقهاء.
وذهب الحنابلة إلى جواز أن يأخذ من غير حاجة ، لكن بشرط ألا يأخذه ليعطيه لولده الآخر، وألا يأخذ ما يحتاجه الابن .
قال ابن قدامة رحمه الله: " وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيرا كان الولد أو كبيرا بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر، نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى ...
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا) متفق عليه، ولأن ملك الابن تام على مال نفسه فلم يجز انتزاعه منه كالذي تعلقت به حاجته " انتهى من "المغني" (6/ 320) مختصرا.
وقد سبق بيان أن الرخصة للأب في أن يأخذ من مال ابنه مقيدة بأربعة شروط، سبق بعضها في كلام ابن قدامة رحمه الله:
وليست الإباحة على إطلاقها ، بل هي بشروط أربعة :
الشرط الأول : ألا يكون في أخذه ضرر على الابن ، فإن كان في أخذه ضرر، فإن ذلك لا يجوز للأب.
الشرط الثاني : أن لا تتعلق به حاجة للابن ، فلو كان عند الابن – مثلا - سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه، وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها : فليس له أن يأخذها بأي حال .
الشرط الثالث : أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر.
الشرط الرابع: مهم وهو أن تكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه من ولده ، وقد جاء مصرَّحاً بهذا الشرط في بعض الأحاديث .
وينظر جواب السؤال رقم : (9594) ، ورقم : (178729) ، ورقم : (149909) .
وظاهر من السؤال أن الأب غير محتاج للمال، ثم إنه وزع ثمن المزرعة على بقية أولاده وزوجاته؛ فقد أخذ الأب ما لا يحتاج إليه، وأضر بابنه صاحب المزرعة، وأعطى ماله لغيره، بغير وجه حق، وخان ما استأمنه عليه ابنه ، من تسجيله للأرض باسمه.
وعليه ؛ فما قام به ظلم بين، وإثم واضح، والواجب عليه التوبة، وأن يرد هذا البيع إن استطاع؛ لأنه بيع لا يصح لعدم ملك الأب للمزرعة شرعا، فإن لم يستطع فسخ البيع لزمه رد مثل الثمن الذي باع به إلى ابنه صاحب المزرعة .
والله أعلم.