الحمد لله.
أولا:
تقدم الكلام على رسم الماندالا، وتحريمه، وبيان ما فيه من الارتباط بالوثنية، في جواب السؤال رقم (288187).
وقد بينا فيه أنه لو خلا من الاعتقادات الوثنية، ففيه تشبه بالكفار، وأن النية الحسنة لا تشفع في ذلك.
ويدل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم منع من الصلاة عند طلوع الشمس، منعا من التشبه بالكفار الذين يسجدون لها في هذا الوقت، مع أن المسلم الموحد- صحابيا كان أو غيره- لا يخطر بباله التقرب للشمس.
روى مسلم (832) عن عَمْرو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ قال: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَخْبِرْنِي عَمَّا عَلَّمَكَ اللهُ وَأَجْهَلُهُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الصَّلَاةِ، قَالَ: صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ .
ففي الصلاة في هذا الوقت تشبه بالكفار في الصورة الظاهرة، ولهذا نهي عنها، ودل ذلك على أننا ممنوعون من التشبه بهم ولو في الصورة الظاهرة، ولو اختلف الاعتقاد والنية، ما دام الفعل من خصائصهم.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 60): "وزاد مسلم من حديث عمرو بن عبسة: (وحينئذ يسجد لها الكفار) فالنهي حينئذ لترك مشابهة الكفار، وقد اعتبر ذلك الشرع في أشياء كثيرة" انتهى.
وقال العيني في عمدة القاري (5/ 86): "والشارع أخبر بِأَن الشَّيْطَان يُحَاذِي الشَّمْس بقرنيه عِنْد الطُّلُوع وَعند الْغُرُوب ، وَالْكفَّار يَسْجُدُونَ لَهَا حِينَئِذٍ ؛ فَنهى الشَّارِع عَن الصَّلَاة فِي هذَيْن الْوَقْتَيْن،ِ حَتَّى لَا يكون المصلون فيهمَا ، كالساجدين لَهَا" انتهى.
وقال ابن علان في دليل الفالحين (4/ 346): " إنشاء صلاة لا سبب لها في هذا الوقت: فيه نوع تشبه بالكفار في عبادتهم للشمس حينئذٍ، وقد نهينا عن التشبه بهم، بل وعما يؤدي إليه ، أو يوهمه؛ ولا شك أن إيقاع ذلك ، حينئذٍ : يستلزم ذلك" انتهى.
ثانيا:
القول المعتمد عندنا في الموقع: هو تحريم ممارسة اليوجا مطلقا، كما هو مبين في جواب السؤال رقم (101591) ولم نقل إنه يجوز ممارستها في غير الأوقات التي يمارسها فيها الكفار، أو أنها تمارس على سبيل الرياضة، بل هي ممنوعة في جميع الأحوال، لعلة المشابهة أيضا.
وفيما أباح الله من المباحات ، من رياضة وغيرها : غنى عن فعل طقوس وثنية، لم يزل أهلها يتمسكون بها ، ويدعون إليها، وهي وسيلة من وسائلهم للترويج للوثنية والشرك.
والله أعلم.