يوجد عملية ماليَّّة أطرافها 4: - الطرف الأول: الشركة الوسيط، تجمع الشركات التي تبيع خدمات للمواطنين والمقيمين مقابل عمولة من البنك . - الطرف الثاني: الشركات التي تقدم الخدمات، تحصل على قيمة هذه الخدمات كامله من البنك مقابل التنازل أو دفع نسبة يتفق عليها للبنك . - الطرف الثالث المشتري للخدمة ( المواطن أو المقيم) يتقدم للبنك، ويحصل على بطاقه ائتمانية، ثم يقوم بالشراء للخدمة المطلوبة من الشركات بسعر الكاش، ويسدد البنك بأقساط شهرية . - الطرف الرابع البنك يقوم بإصدار بطاقات ائتمانية للأفراد، والخصم لقيمة المشتريات كأقساط شهرية منهم، ويقوم بسداد المبلغ كاملا للشركات المقدمة للخدمات مع أول عملية شراء، بعد خصم النسبة التي له من الشركة، ويقوم البنك بدفع نسبة للطرف الأول الشركة الوسيطة مقابل جمع هذه الشركات. مثال توضيحي : مستشفى يقوم بعمليات، قيمة العملية عشرة آلاف، لكن المريض لا يستطيع دفعها كاش، فتقوم الشركة الوسيط بتقديم المستشفى للبنك، ليحصل على المبلغ كاملا، ويقوم البنك بدفع قيمة العملية 9500 للمستشفى بعد خصم 500 ريال عمولة للبنك، ثم يقوم البنك بتحصيل العشرة آلاف من المريض أقساط شهرية كل شهر ألف ريال، حتى يتم السداد، ويقوم البنك بدفع نسبة لشركة الوساطة 1% مثلا من قيمة العملية، فما حكم هذه العملية ؟
الحمد لله.
العملية المذكورة محرمة؛ لأنها قائمة على شراء البنك للدين، الذي على المشتري بثمن أقل منه.
فإذا كان على المشتري عشرة آلاف لصالح المستشفى، باعت المستشفى الدين للبنك ب 9500 حالة، وبيع الدين لغير المدين، إذا كان بنقود لم يجز، سواء كانت حالة أو مؤجلة؛ لانتفاء التقابض والتماثل المشترط في بيع النقود بالنقود، وهذا ربا.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشان بيع الدين وسندات القرض:
"أولا: أنه لا يجوز بيع الدين المؤجل من غير المدين بنقد معجل من جنسه أو من غير جنسه لإفضائه إلى الربا، كما لا يجوز بيعه بنقد مؤجل من جنسه أو غير جنسه لأنه من بيع الكالئ بالكالئ المنهي عنه شرعاً" انتهى من مجلة المجمع (العدد الحادي عشر ج 1، ص 53).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بيان صور بيع الدين:
" الأولى: بيع الدين على الغير، فلا يجوز أن يباع بالدين، بل ولا بالعين على المذهب مطلقاً.
مثال ذلك: إنسان في ذمته لشخص مائة صاع بر، فجعل هذا الرجل يطلبه يقول: أعطني يا فلان، وهو يماطل به، فقيل للرجل الذي له الحق: نعطيك عنها مائة درهم، ونحن نأخذها من المطلوب : فلا يجوز، حتى وإن كان بعين ، فإنه لا يجوز .
فلو قيل لهذا الرجل الذي له مائة الصاع في ذمة فلان: سوف نعطيك عنها مائة ريال تأخذها نقداً، فإنه لا يجوز؛ لأنه يشبه أن يكون غير مقدور على تسليمه، وإذا كان كذلك فإنه يكون فيه غرر، إذ إن المطلوب قد يوفي كاملاً وقد لا يوفي، وقد يوفي ناقصاً، فلا يصح.
لكن لو كان الذي اشترى دَين فلان قادراً على أخذه منه، كرجل له سلطة يستطيع أن يأخذ هذا المال الذي في ذمة الرجل، فالصحيح أنه يجوز وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله؛ لأن العلة في النهي عن بيع ما في الذمم إنما هي الخوف من الغرر، وعدم الاستلام ؛ فإذا زالت العلة، زال المعلول وزال الحكم، ثم إن عجز عن أخذه فله الفسخ .
وبشرط ألا يربح فيه البائع بمعنى ألا يبيعه بأكثر من ثمنه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن ربح ما لم يضمن، ولحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما .
وبشرط ألا يكون بينهما ربا نسيئة ؛ مثل أن أبيع عليه مائة صاع من التمر في ذمة فلان ، بمائة صاع من الشعير : فهذا لا يجوز، لأنه يجري فيه ربا النسيئة ، وأنا لم أقبض العوض" انتهى من "الشرح الممتع" (8/ 444).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (269136) .
وأما إذا كان البنك سيدفع تكلفة الخدمة قبل استقرار الدين في ذمة المستفيد، واستحقاقه عليه فعليا، كما يفهم من السؤال: فهذه العملية هي مجرد تمويل ربوي، وقرض ربوي محرم، يدفع البنك عن العميل، ثم يسترد منه مقسطا، مع زيادة عما دفعه له.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (140603)، ورقم : (266510) .
وعليه فيحرم على الشركات وعلى أصحاب الوساطة إدخال البنك في هذه المعاملة، كما يحرم على المشتري استصدار هذه البطاقة إذا كانت قائمة على ما ذكرنا.
والله أعلم.