الحمد لله.
أولا:
طلب الزبون من التاجر، أو صاحب المال، أن يشتري سلعة معينة ، ثم يشتريها الزبون منه بعد ذلك: تسمى بيع المرابحة للآمر بالشراء، ولا حرج فيها، من حيث الأصل.
ويشترط لها ثلاثة شروط:
1-أن لا يبيع البائع السلعة قبل أن يشتريها ، ويجوز له أن يشتريها بنفسه ، أو يوكل هو أحدا من طرفه ، ليشتريها، ثم يتسلمها منه الزبون.
2-أن يقبض البائع السلعة ويحوزها، وذلك بإخراجها من محل بائعها الأول، قبل أن يبيعها على أحد؛ لما روى أحمد (15399) ، والنسائي (4613) أن حكيم بن حزام أخبره قال قلت يا رسول الله إني أشتري بيوعا فما يحل لي منها وما يحرم علي قال: فإذا اشتريت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 342
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت " أن النبي صلى الله عليه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم " والحديث حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
3-أن يخلو العقد من شرط غرامة على التأخير في سداد الأقساط ؛ لأن ذلك الربا.
ثانيا:
سبق أن ذكرنا أن التجار، أو بعض البنوك ، قد يستخدم ما يسمى بـ "بيع المرابحة للآمر بالشراء" كوسيلة للتغطية على معاملاتها الربوية ، فلا تلتزم بشروط جواز هذه المعاملة ، بل تتحول المعاملة إلى عقود بيع وشراء صورية لا حقيقة لها ، وتكون حقيقة المعاملة أنها قرض بفائدة ، وهذا هو عين الربا .
وحتى لا يتحول العقد إلى عقد صوري ويكون حيلة على الربا : منع العلماءُ البنكَ من توكيل العميل في شراء السلعة إلا في أضيق الحدود .
جاء في "قرارات الهيئة الشرعية لبنك البلاد" ، قرار رقم ( 15 ) بشأن ضوابط بيع المرابحة :
" -لا يجوز للبنك توكيل عميله بالشراء في بيع المرابحة للآمر بالشراء.
-الأصل أن يتسلم البنك السلعة بنفسه من مخازن البائع ، أو من المكان المحدد في شروط التسليم ، ويجوز توكيل البنك غيرَ البائعِ الأول والآمرِ بالشراء للقيام بذلك نيابة ًعنه " انتهى.
وينظر جواب السؤال رقم : (223848) .
ثالثا:
وقد سبق أن ذكرنا أيضا : أن الأصل أن التاجر الثاني، المأمور بشراء السلعة من بائعها الأول، أن يشتري السلعة بنفسه، أو يوكل من يشتريها له غير الزبون الذي يريدها .
لكن إذا لم يمكنه ذلك ، وتعذر عليها أن يشتريها بنفسه، أو من يوكل من طرفه من يشتريها، واحتاج إلى توكيل الزبون، الآمر بالشراء ؛ فيجوز له أن يوكله في في السفر وشراء السلعة لك، فإذا أحضرها، وقبضها : باعها له.
واعلم أن السلعة أمانة في يد الوكيل، حتى يتم بيعها له فعلا.
ولا يجوز بيعها له وهي في محل التاجر الأول.
فإن ضاعت في الطريق ، أو صادرتها الجمارك مثلا ، أو هلكت بغير تعد أو تفريط فلا شيء عليه، وإنما تهلك عليك، لأنها من ضمانك.
ووكالته عنك في السفر والشراء إما أن تكون مجانا أو بأجرة، على ما تتفقان عليه .
وينظر جواب السؤال رقم : (279816) .
وعلى ذلك، فلصاحب المال أن يوكلك ، أو يوكل خطيبك، في شراء السلع المطلوبة، إذا لم يتمكن هو من شرائها بنفسه.
ولا شك أن الأولى مطلقا أن يشتريها هو بنفسه ، أو يوكل أحدا من طرفه بذلك، لئلا يكون البيع صوريا ، فيكون حيلة على الربا ، وإظهارا للفصل بين الضمانين، ضمان المتربح قبل بيع سلعته على الزبون، ثم ضمان الزبون بعد شرائه للسلعة.
وإنما قلنا إن الأفضل أن يوكل المتربح أخته بدلا منك أو من أخت خطيبك، لأن بعض الناس قد يتوهم الربط بين الوكالة والشراء بالمرابحة، وقد لا يستوعب أن الضمان عليه في فترة الوكالة، فربما أصاب الأجهزة شيء أثناء نقلكم لها إليه، فيجعل التبعة عليكم، أو يتهمكم بالتفريط في حفظها، مما يؤدي للنزاع.
فالأصل أن يشتري السلعة بنفسه أو بوكيل من جهته.
والعجب ممن يريد أن يربح ثم يدعي أنه غير متفرغ! مع أن هذا الشغل هو سبب ربحه؛ فهذا مما يقوي جانب الشبهة في أن الرجل ليس قصده البيع والشراء حقيقة، وإنما غرضه: مال بمال، مع زيادة فيه بسبب الأجل!!
فليحذر العبد أن يتحايل على أكل الحرام، أو يقع في الربا، وهو يحسب أنه يحسن صنعا!!
والله أعلم.