الحمد لله.
أولا:
إذا لم تكن قادرا على الإنفاق على الزوجتين، وأردت فراق إحداهما، فإنك تختار منهما من شئت، سواء كانت الأولى أو الثانية، وتفارق الأخرى.
ومما يدل على أن الأولى لا يتعين إبقاؤها: ما روى أحمد (4609)، والترمذي (1128) وابن ماجه (1953) عَنْ ابْنِ عُمَرَ : " أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ: أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي".
والشاهد منه أنه صلى الله عليه وسلم لم يجعل للأوائل منهن مزية على من بعدهن.
ثانيا:
ما دام الأمر راجعا إلى عدم قدرتك على الإنفاق، فإنك تطلق إحداهن، ولا تخالعها.
ولا يحل للزوج أن يخالع زوجته إذا كان السبب الداعي للفراق من قبله، كإعساره ، أو مرضه ، أو لكونه يسيء العشرة، فلو طلبت الزوجة الفراق، كان عليه أن يطلقها، ولا يحل له أن يأخذ من مالها شيئا.
قال ابن عبد البر رحمه الله: " وأجمع العلماء على إجازة الخلع بالصداق الذي أصدقها ، إذا لم يكن مضرا بها ، وخافا ألا يقيما حدود الله ...
فإذا كان النشوز من قبلها جاز للزوج ما أخذ منها بالخلع ، وإن كان أكثر من الصداق ، إذا رضيت بذلك ، وكان لم يضر بها.
فإن كان لخوف ضرره ، أو لظلم ظلمها ، أو أضر بها : لم يجز له أخذه، وإن أخذ شيئا منها على هذا الوجه ردّه، ومضى الخلع عليه" انتهى من "التمهيد" (23/ 368).
ومن الظاهر أنك قد تعجلت في زواجك الثاني، ولم تراع حالك من الإعسار، والقدرة على النفقة ، ولم تزن الأمور بميزانها الصحيح ؛ ثم ها قد وقعت فيما وقعت فيه .
ولو أمكنك أن تبحث عن فرصة عمل مناسبة ، وتجتهد في تحصيل النفقة والكفاية لك ولأهل بيتك ، وتحافظ على زوجتيك : فهو أحسن ، وخير لك ولزوجتيك .
والله أعلم.