الحمد لله.
إذا عقدت على الفتاة ولا تعلم مرضها، وكان مرضها مما لا يزول سريعا، فلك حق الفسخ حينئذ، ويلزمها إرجاع المهر والهدايا والمصاريف؛ لأنها غشت ولم تبين ما بها.
والراجح عندنا أن كل ما يؤدي إلى نفور أحد الزوجين من الآخر: فهو عيب يلزم بيانه، ويوجب الفسخ إذا لم يبين، ويدخل في ذلك الأمراض المزمنة ، أو التي تحتاج إلى مدة طويلة للعلاج والشفاء منها .
وينظر جواب السؤال رقم (111980) ورقم: (103411)
إذا لم يكن لك حق الفسخ بناء على ما تقدم، واخترت الطلاق، ففي ذلك تفصيل:
1- فإن كان قد حدث خلوة بينك وبينها، وجب المهر كاملا.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/ 191) : " وجملة ذلك : أن الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح : استقر عليه مهرها ، ووجبت عليها العدة , وإن لم يطأ ، روي ذلك عن الخلفاء الراشدين ، وزيد , وابن عمر ، وبه قال علي بن الحسين وعروة ، وعطاء , والزهري ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي ، وهو قديم قولي الشافعي ." انتهى .
وينظر : "الموسوعة الفقهية" (19/ 272).
وينظر في بيان الخلوة وشروطها: جواب السؤال رقم :(268304).
2-وإن لم تحدث خلوة، وجب نصف المهر.
3-ولا يحل لك الرجوع في الهدايا أو المطالبة بالمصاريف والنفقات التي أنفقتها ومنها صالة الخطوبة، ومصاريف الأطباء وغيرها؛ لأنك بذلتها باختيارك.
وقد روى أبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً، أَوْ يَهَبَ هِبَةً ، فَيَرْجِعَ فِيهَا ؛ إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ . وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا : كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ ، فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ، ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ ) . والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
لا يلزم الزوج النفقة على زوجته حتى تنتقل إليه. فإذا كانت زوجتك قد انتقلت إلى مسكنك، لزمك النفقة عليها حال قيام الزوجية، ولو لم تكن قد دخلت بها ، ما دامت قد انتقلت إلى منزلك . ويلزمك النفقة عليها أيضا بعد الطلاق، إلى انتهاء العدة ، ؛ لأن المخلو بها تلزمها العدة.
وإذا لم تنتقل إلى منزلك، فلا نفقة لها، فإن كان القانون يحكم بالنفقة، على خلاف الشرع، فلا يلزمك دفعها.
رابعا:
قد علمت أن المصاريف لازمة لك، وأن النفقة فيها تفصيل، وبكل حال فلا يجوز لك الحلف على غير الحقيقة، وذلك يمين الغموس التي تغمس صاحبها في نار جهنم.
والله أعلم.