ما أعرفه أن التوبة من الكفر مهما كان سبب هذا الكفر تكون بقول الشهادتين، فإذا كان ما فعله الشخص صاحب الفتوى رقم : (268494)، فيمكنه التوبة فقط بقول الشهادتين، فأنتم شددتم الأمر على هذا الشخص بطلب تغيير الديانة في الأوراق الرسمية، حيث قد لا يستطيع هذا الأمر، وكان من الأفضل أن تطمئنوه بأنه يمكنه التوبة من الكفر بالشهادتين، وتنصحوه بتغيير ديانته في الأوراق الرسمية دون التشديد على هذا الأمر، فربما يظن السائل أن إسلامه لن يقبل من الله تعالى، وسيظل كافرا في حالة عدم تمكنه من تغيير ديانته إلى الإسلام في الأوراق الرسمية، وهذا قد يجعله ييأس من رحمة الله إذا لم يتمكن من تغيير ديانته إلى الإسلام في الأوراق الرسمية، برجاء التنبه، وتصحيح المسار بإرسال فتوى أوضح للسائل، ونشرها على موقعكم.
الحمد لله.
تغيير الديانة في الأوراق الرسمية من الإسلام إلى غيره: كفر وردة عن الإسلام، كما بينا في الجواب المشار إليه، وهو برقم : (268494) لأن من تكلم بالكفر أو أعلنه أو قال إنه كافر، مختارا غير مكره، فإنه يكفر بذلك.
والتوبة من الكفر تكون بالإتيان بالشهادتين مع الإقلاع عن الكفر، وهذا أمر لم ينتبه له السائل، فمن استمر على الكفر لم تنفعه الشهادتان، وهذا شرط مجمع عليه في التوبة من كل ذنب: الإقلاع عن الذنب، فلا معنى للتوبة مع المقام على الذنب، بل هذا سخرية وعبث.
وقد قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ آل عمران/135.
قال في "المجموع" (20/ 249): " قوله (فالتوبة أن يقلع عنها ويندم) وقد ذكرنا التوبة ، وأصلها: الرجوع، والاقلاع عن الأمر الكف عنه، يقال: أقلع فلان عما كان عليه ، إذا تركه فكف عنه.
قوله: (ولم يصروا) لم يقيموا، والاصرار الاقامة على الذنب أو ترك التوبة منه" انتهى.
وقال في "دليل الفالحين شرح رياض الصالحين" (8/ 712) : " وشرط قبول الاستغفار: الاقلاع عن الذنب المستغفر منه، وإلا فالاستغفار منه، مع التلبس به: كالتلاعب، كما يشير إليه قوله تعالى: (ولم يصروا على ما فعلوا)" انتهى.
فاستمرار إعلان الرجل في بطاقته أو جواز سفره ، أنه نصراني ، أو يهودي: استمرار في الكفر وبقاء عليه، فلا ينفعه أن يتشهد الشهادتين.
بقي أن يقال: لو ندم وأعلن إسلامه وأتى بالشهادتين ، ثم أراد تغيير الديانة إلى الإسلام فلم يستطع ؛ فما حكمه؟
فالجواب أن هذا فرض غير حقيقي في غالب الأحوال، فكما أمكنه التغيير في البدء، يمكنه التغيير الآن، لكن قد يضن بذلك خوفا على مال أو جاه عياذا بالله.
فإن فرض حقيقة أنه لم يتمكن من التغيير، كما لو سجن مثلا ومنع من تغير الديانة أثناء سجنه، فهو معذور، فيعلن الإسلام، ويبرأ من الكفر، ويكفيه ذلك لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ التغابن/16.
ومثل ذلك : لو تأخر تصحيح الأمر في الأوراق الرسمية، نظرا لتأخير الجهة المختصة في إنجاز المعاملة، أو لأمر خارج عن طاقته ؛ فإنه ما دام قد شرع في ذلك التغيير، وعمل ما عليه فيه : لم يلزمه شيء ، وقد برأ من الكفر وإظهاره، ثم يتم الأمر بحسب الإجراءات النظامية فيه.
والحاصل :
أن الإتيان بالشهادتين: توبة من الكفر، بشرط الإقلاع عن المكفّر ، وعدم البقاء عليه اختيارا.
والله أعلم.