الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

حكم تغيير الديانة في الأوراق الرسمية للحصول على الإقامة في بلاد الكفر

268494

تاريخ النشر : 15-08-2017

المشاهدات : 43572

السؤال

أنا مسلم ـ والحمدلله ـ لكن لظروف قاسية حولت ديني فقط على الورق عند الحكومة ؛ لأجل الحصول على الإقامة ، ولا أستطيع العودة إلى بلدي ؛ لأنه لا يوجد بيت ولا شئ . سؤالي هو : هل أعتبر خارجا عن الإسلام أم مسلما ؛ لأن الله ينظر في القلب ، وأنا قلبي مسلم ، وأصلي ، ومؤدي جميع فرائضي وـ الحمدلله ـ ، وماذا أفعل الآن؟

ملخص الجواب

تغيير الديانة في البطاقة ، أو جواز السفر : كفر وردة عن الإسلام ؛ ولو لم يعتقد الفاعل ذلك. والواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى، وأن تبادر بالعودة إلى الإسلام في أوراقك الرسمية، وأن تمحو هذا الكفر بأسرع ما يمكن. وإن لم يمكنك العودة إلى بلدك، فابحث عن بلد آخر لا يشترط الكفر والردة للحصول على الإقامة.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

تغيير الديانة في الأوراق من مسلم إلى نصراني أو يهودي أو غيره، كفر وردة عن الإسلام، ولو زعم صاحبه أن قلبه مطمئن بالإيمان، فكل من تكلم بالكفر أو أعلنه أو قال إنه كافر، مختارا غير مكره، فإنه يكفر بذلك.

والإكراه يكون بالتهديد الحقيقي بالقتل أو إتلاف عضو من الأعضاء.

جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 6 / 101 – 102 ) في شرائط الإكراه :

" أن يكون ما هدد به قتلا أو إتلاف عضو ، ولو بإذهاب قوته مع بقائه كإذهاب البصر، أو القدرة على البطش أو المشي مع بقاء أعضائها ، أو غيرهما مما يوجب غما يعدم الرضا ، ومنه تهديد المرأة بالزنا ، والرجل باللواط .

أما التهديد بالإجاعة ، فيتراوح بين هذا وذاك ، فلا يصير ملجئا إلا إذا بلغ الجوع بالمكرَه ( بالفتح ) حد خوف الهلاك ... " انتهى .

والحصول على الإقامة أو الجنسية ليس عذرا يبيح الإقدام على الكفر. وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازلا مازحا أنه يكفر، فكيف بمن يسجل هذا ويدونه في الأوراق الرسمية.

قال تعالى: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) التوبة/64، 65

قال أبو بكر ابن العربي رحمه الله في تفسيره (2/ 543): " لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدا أو هزلا، وهو - كيفما كان - : كفر؛ فإن الهزل بالكفر كفر، لا خلف فيه بين الأمة، فإن التحقيق أخو الحق والعلم، والهزل أخو الباطل والجهل" انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وقال تعالى في حق المستهزئين: (لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) فبيّن أنهم كفار بالقول، مع أنهم لم يعتقدوا صحته .

وهذا باب واسع، والفقه فيه ما تقدم من أن التصديق بالقلب يمنع إرادة التكلم ، وإرادة فعلٍ فيه استهانةٌ واستخفاف، كما أنه يوجب المحبة والتعظيم " انتهى من "الصارم المسلول" (3/ 975).

وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: " شاب مسلم يحمل مؤهلاً جامعيًّا في الهندسة، وقد سافر إلى إحدى الدول العربية للبحث عن عمل، ولكنه لم يفلح في ذلك، بينما وجد أن غير المسلمين لهم قبول أكثر، وفي مثل تخصصه ذلك ويُفَضَّلونَ على غيرهم من المسلمين، أي أن عدم حصوله على عمل راجع إلى كونه يدين بالإسلام، فقرر أن يعود إلى بلده في محاولة لتغيير مُسمى الديانة في جواز سفره، وفعلاً سافر إلى إحدى البلاد الإفريقية، وحصل على جواز سفر منها بديانة غير الإسلام، ثم سافر مرة أخرى إلى إحدى البلاد العربية، فوجد القبول والحصول على وظيفة، ولكنه متألم لتغيير اسم الديانة في جواز سفره، وإن كان هو في داخله يدين بالإسلام ويفخر به دينًا، لذلك هو يسأل : ما حكم عمله هذا ؟ وما حكم كسبه المال بهذه الطريقة ؟

فأجاب:

أولاً : يجب على المسلم أن يتمسك بدينه وأن لا يتنازل عنه لأي ظرفٍ من الظروف؛ لأن الدين هو رأس المال ، وهو الذي تترتب عليه النجاة من عذاب الله سبحانه وتعالى، وهو الذي خُلِقَ الإنسان من أجله، كما قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ [ الذاريات : 56 . ] ؛ فيجب على المسلم أن يتمسك بدينه مهما كلفه الثمن .

وما فعلته فيما ذكرت في السؤال من أنك ذهبت وغيره من مسمى الديانة إلى ديانة غير الإسلام لتحصل على عمل؛ فهذا شيء خطير، ويعتبر ردة عن دين الإسلام؛ لأنك فعلت هذا، وتظاهرت بغير دين الإسلام، وانتسبت إلى غير دين الإسلام !!

والمسلم لا يجوز له ذلك، ويجب عليه أن يتمسك بدينه، وأن يعتزَّ بدينه، وأن لا يتنازل عنه لطمعٍ من أطماع الدنيا، فالله سبحانه وتعالى لم يستثن في أن يتلفظ الإنسان بشيء من ألفاظ الكفر؛ إلا في حالة الإكراه المُلجئ؛ كما في قوله تعالى : مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ [ النحل : 106-107 . ] .

فأنت تظاهرت بغير دين الإسلام وانتسبت لغير دين الإسلام لأجل الدنيا وطمع الدنيا، لم تصل إلى حد الإكراه الذي تُعذَرُ به .

فالواجب عليك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والمبادرة إلى تغيير هذا الانتساب، والمبادرة إلى كتابة الديانة الإسلامية في ورقة عملك، مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والندم على ما فات، والعزم على أن لا تعود لمثل هذا الشيء؛ لعلَّ الله أن يتوب علينا وعليك" انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان".

والحاصل :

أن تغيير الديانة في البطاقة ، أو جواز السفر : كفر وردة عن الإسلام ؛ ولو لم يعتقد الفاعل ذلك.

ثانيا:

الواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى، وأن تبادر بالعودة إلى الإسلام في أوراقك الرسمية، وأن تمحو هذا الكفر بأسرع ما يمكن.

وإن لم يمكنك العودة إلى بلدك، فابحث عن بلد آخر لا يشترط الكفر والردة للحصول على الإقامة.

وانظر في أثر الردة على النكاح: جواب السؤال رقم (224093).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب