أنا أعمل مبرمج ألعاب كومبيوتر، أنا وصديق لي نعمل علي إنشاء لعبة، وأحد الأشخاص أعطانا مبلغا يغطي تكاليف العمل مقابل نسبة من الأرباح عند بيع اللعبة، لكن المبلغ الذي أعطانا قارب علي النفاد، ولم تنتهي العبة، ونريد تكاليف أخرى، فوجدنا شركة كبيرة تعطي مبلغا ماليا لمساعد المشاريع الصغيرة دون مقابل، منحة منهم، بحيث نقدم لهم تفاصيل عن المشروع، والمبلغ المطلوب، وفيما سيستخدم، حيث يقيمونه، ويوافقون أو يرفضون. سؤالي عن مشروعية التقديم للمنحة ؟ وماذا أفعل إن أنهيت اللعبة دون أن أصرف جميع مبلغ المنحة؟ وهل يجوز أن أخرج جزءً من مال المنحة كراتب للشخص الذي أعطانا المبلغ نظير نسبة من الأرباح، مع العلم إنه لا يعمل معانا، هو فقط أعطي لنا المبلغ، وينتظر الربح؟ وهل يجب إخبار الشركة المانحة بهذا، أم يمكن أن أدرجها داخل نقطة عامة مثل رواتب للعاملين أو نحو ذلك؟
الحمد لله.
لا يجوز لأصحاب المشاريع الربحية طلب المساعدة المادية من الغير؛ لأن ذلك من المسألة المذمومة، إلا عند الضرورة أو أن يكون الطلب من الدولة.
روى البخاري (1475)، ومسلم (1040) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ .
وروى الترمذي (650)، وأبو داود (1626)، والنسائي (2592)، وابن ماجه (1840) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَسْأَلَتُهُ فِي وَجْهِهِ خُمُوشٌ أَوْ خُدُوشٌ أَوْ كُدُوحٌ . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا يُغْنِيهِ ؟ قَالَ: خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ .
ولا تحل مسألة الناس إلا في حالات ضيقة في أمر لابد منه؛ لما ما روى مسلم (1044) عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ : " قَالَ تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ فِيهَا فَقَالَ : أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا قَالَ ثُمَّ قَالَ: يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ : رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ فَمَا سِوَاهُنَّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " " مسألة المخلوق " محرمة في الأصل وإنما أبيحت للضرورة، وفي النهي عنها أحاديث كثيرة في الصحاح والسنن والمسانيد" انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/ 182).
ويدل على جواز طلب المساعدة من الدولة ما روى الترمذي (681)، والنسائي (2600) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنْ الْمَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَانًا ، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ وصححه الترمذي، والألباني في "صحيح الترمذي" .
ورواه أبو داود (1639) بلفظ : الْمَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ ، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا .
قال في "سبل السلام" (1/548) : " كد أي خدش وهو الأثر ، وفي رواية : كدوح بضم الكاف. وأما سؤاله من السلطان فإنه لا مذمة فيه ; لأنه إنما يسأل مما هو حق له في بيت المال ولا منّة للسلطان على السائل ; لأنه وكيل ، فهو كسؤال الإنسان وكيله أن يعطيه من حقه الذي لديه " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/76) : " ما حكم شحذ الناس، أرجو التفصيل، متى يجوز ومتى لا يجوز؟
الجواب : تحرم المسألة إلا من سلطان أو في أمر لا بد منه ؛ كإصابة المسلم بحاجة تحمله حمالة ونحو ذلك ، قال عليه الصلاة والسلام: ( المسألة كد يكد بها الرجل وجهه، إلا أن يسأل الرجل سلطانا أو في أمر لا بد منه ) ، وقال صلى الله عليه وسلم لقبيصة : ( إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمّل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلانا حاجة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، -أو قال- سدادا من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة فسحت يأكله صاحبه سحتا ) رواه مسلم .
عبد الله بن قعود ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى .
وإذا قدر أنه تم الحصول على مساعدة من جهة مانحة ، في صورة مشروعة ، فليس لك أن تنفق المال الممنوح ، أو جزءا منه في غير الغرض الذي حددته الجهة المانحة، ولا أن تنفق ما تبقى منه بعد إنجاز المشروع ، بل يجب الرجوع إلى الجهة المانحة، وشرح الأمر لها ، كما هو في الواقع ، ثم إن شاءت سمحت بصرفه ، أو استردته .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (191708) .
لا يجوز إعطاء راتب أو مال ثابت لمن شارك غيره بماله، فلا تصح الشركة مع مال ثابت لرب المال أو العامل، بل يجب أن يشتركا في الربح، ويحرم كل ما يؤدي إلى قطع الاشتراك في الربح.
قال ابن قدامة رحمه الله: " متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة ، أو جعل مع نصيبه دراهم ، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم ، بطلت الشركة. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض (المضاربة) إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة، وممن حفظنا ذلك عنه مالك والأوزاعي والشافعي ، وأبو ثور وأصحاب الرأي " انتهى من "المغني" (5/ 23).
وجاء في "المعايير الشرعية"، ص 198:
" لا يجوز أن تشتمل شروط الشركة أو أسس توزيع أرباحها على أي نص أو شرط يؤدي إلى احتمال قطع الاشتراك في الربح، فإن وقع كان العقد باطلاً.
لا يجوز أن يُشترط لأحد الشركاء مبلغ محدد من الربح أو نسبة من رأس المال" انتهى.
والله أعلم.