سمعت إحداهن تنشد أبياتا تحوي هذا المقطع: "لولاك في غرسه ما أورق العودُ"، والضمير هنا يعود على الله تعالى، أي إن لولا الله تعالى في الغرس لَما أورق العود!، وتوقفت عند البيت، هل هذا من عقيدة الحلوليين والجهميين الذين يؤمنون بحلول الله سبحانه وتعالى في كل شيء؟
الحمد لله.
هذه الجملة ضمن قصيدة جاء فيها:
أنشأت كل بديع الصنع مختلقاً | فيه الجمال وفيه الحسن مشهود |
من طينةٍ بشرا، من حبةٍ شجرا | لولاك في غرسه، ما أورق العود |
ولا علاقة لهذا بالعقيدة الكفرية المسماة بالحلول والاتحاد.وهذا كلام حسن لا مطعن فيه، ومعناه لولا الله سبحانه ما صلح الغرس ولا أورق العود، أي لولا صنع الله في الغرس، ولولا خلقه، ولولا تدبيره، ما نبت العود، ولا أورق. فهو سبحانه مسبب الأسباب، وهو المنبت للنباتات، على الحقيقة، كما قال: أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ النمل/60.
والواجب إحسان الظن بالمسلم ما أمكن ذلك، وحمل كلامه على أحسن المحامل، هذا لو كان كلامه محتملا، ونحن نقول: إن هذا الكلام لا يحتمل ما ذكرت، لا سيما مع النظر إلى سياق الكلام وتتمة القصيدة.
قال محمد عبد العظيم الزرقاني رحمه الله: "ولقد قرر علماؤنا أن الكلمة إذا احتملت الكفر من تسعة وتسعين وجها، ثم احتملت الإيمان من وجه واحد؛ حملت على أحسن المحامل، وهو الإيمان." انتهى من "مناهل العرفان في علوم القرآن" (2/ 35).
وقد جاء في القصيدة:
يا رب منا الرجاء، ومنك العفو والجود | منا الدعاء، ومنك الفضل منشود |
منك العطايا، بلا حد ولا عدد | وجهدنا في أداء الشكر محدود |
يسبح البحر بالأمواج خالقه | في حمده لك، إعظام وتمجيد |
وعقيدة الحلول لا تمايز فيها بين الخالق والمخلوق، والعابد والمعبود.
وينظر في معنى الحلول والاتحاد جواب السؤال رقم : (147639).
والله أعلم.