الحمد لله.
لا شك أنك وقعت في خطأ عظيم ، بل في جملة من الأخطاء ، ابتداء من كلامك مع هذا الرجل في هذه الأمور الجنسية ، وانتهاء بما فعلت لعلاجه. وقد استدرجك الشيطان ، وأوقعك في الشر وخدعك وصَوَّر لك ذلك بأنه من مساعدة الآخرين والإحسان إليهم !!
ومهما كان الإنسان رقيق القلب ، مرهف الحس تجاه الآخرين ، فهناك حدود لا يمكن تجاوزها.
ويفهم من كلامك أنك تعملين في مكان تختلطين فيه بالرجال ، وهذا بداية الشر . ولعل هذا مثال على مفاسد اختلاط المرأة بالرجل في العمل . راجع السؤال رقم (1200) ، (6666) .
واعلمي أنه لا ينبغي للمرأة أن تتحدث مع الرجال إلا فيما تدعو الحاجة إليه ، مع الحشمة والوقار ، وعدم الخضوع بالقول، كما قال الله تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) الأحزاب/32 .
فإذا كان الخضوع بالقول ( وهو لين الكلام وترقيقه ) منهيا عنه ، فكيف بكلام المرأة مع الرجل في "الجنس" وأمراضه ؟!
فالواجب عليك أن تسعي لترك هذا العمل المختلط ، وأن تقطعي كل صلة بهذا الرجل ، الذي بلاؤه في دينه أعظم من بلائه في جسده.
وأما هل يدخل تصرفك هذا في الزنا أم لا ؟ فجوابه ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري (5744) ومسلم (4801) عن أبي هريرة : ( إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العينين النظر ، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) .
قال النووي :
مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ اِبْن آدَم قُدِّرَ عَلَيْهِ نَصِيب مِنْ الزِّنَا , فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُون زِنَاهُ حَقِيقِيًّا بِإِدْخَالِ الْفَرْج فِي الْفَرْج الْحَرَام , وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُون زِنَاهُ مَجَازًا بِالنَّظَرِ الْحَرَام أَوْ الاسْتِمَاع إِلَى الزِّنَا وَمَا يَتَعَلَّق بِتَحْصِيلِهِ , أَوْ بِالْمَسِّ بِالْيَدِ بِأَنْ يَمَسّ أَجْنَبِيَّة بِيَدِهِ , أَوْ يُقَبِّلهَا , أَوْ بِالْمَشْيِ بِالرِّجْلِ إِلَى الزِّنَا , أَوْ الْحَدِيث الْحَرَام مَعَ أَجْنَبِيَّة , وَنَحْو ذَلِكَ . فَكُلّ هَذِهِ أَنْوَاع مِنْ الزِّنَا الْمَجَازِيّ , وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبهُ . مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ يُحَقِّق الزِّنَا بِالْفَرْجِ , وَقَدْ لا يُحَقِّقهُ . وَاَللَّه أَعْلَم اهـ باختصار .
لكن من رحمة الله بعباده أن فتح لهم بابا إلى التوبة والمغفرة فقال : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طـه / 82 . وقال : ( وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً ) الفرقان/71.
وقد ذكرت أنك تبت إلى الله ، فأكثري من فعل الصالحات لعل الله أن يتجاوز عنك ، ومن توبتك أن تقاطعي هذا الرجل مقاطعة تامة ، وأن تطلبي الانتقال عن محل عمله ، بل الانتقال عن العمل المختلط كله كما سبق .
والله أعلم .