لقد أطلت شعري ويجبرني والديّ على قصّّه. في هذه الحالة بالذات هل يجب عليّ أن أطيعهم؟
الحمد لله.
إطالة المرأة شعرها واعتناؤها به هو من أمور العادات التي تتزين بها المرأة، وهو أمر مباح لا حرج فيه. فإذا أمرك والداك بقص شعرك، فهذا له حالان:
الحالة الأولى: أن يكون قصا على هيئة تشبه شعر الرجل أو على هيئة اختصت بها الفاسقات، ففي هذه الحال لا يجوز لهما أن يأمراك بذلك، ولا يجوز لك أن تستجيبي لهما، لأنه لا يجوز أن يطاع أحد فيما يأمر به من معصية الله تعالى.
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ رواه البخاري (7257)، ومسلم (1840)، ورواه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 318) بلفظ: لَا طَاعَةَ لِبَشَرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ .
الحالة الثانية: أن يكون القص خاليًا مما سبق، وذلك بأن يكون قصًّا مباحًا، كأن تكون المرأة ذات شعر طويل، ويرغب الوالدان في أن تقصره، إما لأن ذلك عندهما أحسن في الزينة، أو غير ذلك؛ فالظاهر أنه لا يجب عليك طاعتهما في ذلك، لأن طاعة الوالدين إنما تجب فيما فيه نفع لهما، أما ما لا منفعة لهما فيه فلا يجب على الولد طاعتهما فيه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد. وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر. فإن شق عليه ولم يضره: وجب؛ وإلا، فلا" انتهى من"الفتاوى الكبرى" (5 / 381).
ومع ذلك؛ فإذا كان والداك يأمرانك بقص الشعر على صفة مباحة، ولم يكن في ذلك شين لك، ولا أذى، وغاية الأمر أنهما يختاران ما لا تختارينه: فالذي ننصحك به أن تطيعيهما، وإن تتكلفي ذلك، وتخالفي هواك؛ فإن طاعة الوالدين، حتى وإن كانت غير واجبة، سبب لرضاهما، وذلك سبب لرضى الله عز وجل.
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ رواه الترمذي (1899)، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (2/340).
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:
"وفي هذا الحديث: ذكر غاية البر ونهايته التي هي رضى الوالدين؛ فالإحسان موجب وسبب، والرضى أثر ومسبب. فكل ما أرضى الوالدين من جميع أنواع المعاملات العرفية، وسلوك كل طريق ووسيلة ترضيهما، فإنه داخل في البر" انتهى من"بهجة قلوب الأبرار" (ص 216).
وانظري جواب السؤال رقم: (139414).
والله أعلم.