الحمد لله.
أولا:
الوعد بالبيع: أن يعد الرجل غيره أنه سيبيع له البيت بعد مدة مثلا، وقد جرى عادة كثير من الناس أنهم يأخذون شيئا من المال في مرحلة الوعد يسمونه عربونا، وليس هذا هو العربون الثابت في الشريعة، فإن العربون إنما يكون مع عقد، وليس مع مجرد الوعد.
فالمال الذي يؤخذ مع الوعد – على قول من يرى جواز ذلك -، يجب أن يبقى أمانة في يد آخذه، ولا يجوز له استعماله، ولا يحل له تملكه لو رجع الواعد عن وعده.
ثانيا:
الذي يظهر أن ما تم بين والدك وزوج خالتك لا يدخل تحت الوعد، بل هو عقد بيع، مع توقف التسليم على انتهاء الدعوى وحصول والدك على البيت؛ لأنه لا أحد يدفع نصف الثمن في وعد! ولا يشترط في العقد أن يكون مكتوبا، بل يكفي الإيجاب والقبول اللفظي بين المتعاقدين.
لكن هذا العقد (عقد البيع لا يصح) لوجود الغرر، وهو احتمال التسليم وعدمه.
ومن شروط صحة البيع: القدرة على تسليم المبيع، ووالدك عند العقد لم يكن قادرا على التسليم.
قال في "كشاف القناع" (3/ 162): " الشرط الخامس (أن يكون) المَبيع، ومثله الثمن: (مقدورا على تسليمه) حال العقد؛ لأن ما لا يُقدر على تسليمه: شبيه بالمعدوم، والمعدوم لا يصح بيعه؛ فكذا ما أشبهه" انتهى.
ثالثا:
قد ذكرت أن زوج خالتك تراجع عن الشراء وأخذ ماله، ثم عاد ورغب في الشراء ودفع المال " وذلك لرغبته في إتمام البيع بمجرد انتهاء الدعوى"؛ وهذا يعني أن العقد الثاني كان قبل انتهاء الدعوى وحصول والدك على البيت.
وإذا كان كذلك، فإن العقد الثاني لا يصح أيضا، ويلزم فسخه.
وعليه؛ فتراجع والدك لا حرج فيه؛ لأن ما تم لو كان مجرد وعد في عرف الناس، فالرجوع عن الوعد لا حرج فيه.
وإن كان ما تم عقدا- كما يظهر لنا- فهو عقد لا يصح، كما قدمنا، وقد أخطأ والدك، وزوج خالتك في الإقدام على هذا العقد، مع معرفتهما بعدم استقرار ملك والدك على البيت، وعدم قدرته على تسليمه في الحال.
لكن إن كانت العملة في بلدك قد انخفضت مقدار الثلث فأكثر، من وقت أخذ والدك للمال في العقد، إلى وقت تراجعه، فإنه لابد من تعويض زوج خالتك، فيتقاسمان الضرر.
فينظر كم كان يساوي المبلغ من الدولارات أو من الذهب، وكم يساوي الآن، ويحسب النقص والضرر، فيتقاسمانه، ويعطيه هذا الفرق بالدولار أو بالذهب بعداً عن الربا، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (215693).
وهذا مقتضى العدل، لا سيما إذا كان والدك قد انتفع بالمال في تلك المدة.
والله أعلم.