أنا أخصائي تحاليل، وربما يتم سحب عينة دم لأهلي بالمنزل، وأحمل عينة بول في أنبوبة، أيضا وأدخل للصلاة في المسجد، وتكون تلك العينات في جيبي، فهل تصح الصلاة بها، مع العلم إننا نخاف من ضياع العينة، وحرصنا علي الصلاة في وقتها؟
الحمد لله.
أولا:
يشترط لصحة الصلاة: طهارة البدن والثوب والبقعة، وألا يحمل المصلي نجاسة غير معفو عنها.
والدم والبول نجسان، فلا تصح الصلاة مع حمل قارورة أو أنبوب فيه ذلك، إلا إن كان ذلك نسيانا أو جهلا.
قال ابن قدامة رحمه الله: “ولو حمل قارورة فيها نجاسة مسدودة، لم تصح صلاته.
وقال بعض أصحاب الشافعي: لا تفسد صلاته؛ لأن النجاسة لا تخرج منها، فهي كالحيوان [أي كما لو حمل حيوانا في داخله نجاسةٍ].
وليس بصحيح؛ لأنه حاملٌ لنجاسة غيرِ معفو عنها، في غير معدنها؛ فأشبه ما لو حملها في كُمِّه” انتهى من “المغني” (2/ 51).
وقال النووي رحمه الله: ” ولو حمله مصلٍّ: ففي صحة صلاته الوجهان فيمن حمل قارورة فيها نجاسة، وسد رأسها بنحاس:
الصحيح: أنه لا تصح صلاته” انتهى من “المجموع” (2/ 597).
وينظر: “الموسوعة الفقهية” (40/ 99). وينظر في نجاسة الدم: جواب السؤال رقم: (114018)، ورقم: (207812).
وعليه؛ فلا يجوز لك حمل هذه “العيّنة” أثناء الصلاة، وإنما تضعها على الأرض، قريبا منك، إذا خفت ضياعها، ولا يضر وجودها على سجادة المصلي.
قال البهوتي رحمه الله في “كشاف القناع” (1/ 291): “(وإن صلى على مكان طاهر من بساط) أو حصير ونحوه، (طَرَفُه نجس): صحت … لأنه ليس بحامل للنجاسة، ولا مصل عليها، وإنما اتصل مصلاه بها؛ أشبه ما لو صلى على أرض طاهرة، متصلة بأرض نجسة” انتهى.
ثانيا:
إذا حملت هذه “العيّنة” نسيانا، أو جهلا: صحت صلاتك، على الراجح.
قال النووي رحمه الله في “المجموع” (3/ 163): “مذاهب العلماء فيمن صلى بنجاسة، نسيها أو جهلها: ذكرنا أن الأصح في مذهبنا وجوب الإعادة. وبه قال أبو قلابة، وأحمد.
وقال جمهور العلماء: لا إعادة عليه، حكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن المسيب وطاوس وعطاء وسالم بن عبد الله ومجاهد والشعبي والنخعي والزهري ويحيى الأنصاري والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور.
قال ابن المنذر: وبه أقول. وهو مذهب ربيعة ومالك، وهو قوي في الدليل، وهو المختار” انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “فإن صلى وبدنه نجس، أي قد أصابته نجاسة لم يغسلها، أو ثوبه نجس، أو بقعته نجسة: فصلاته غير صحيحة عند جمهور العلماء.
لكن لو لم يعلم بهذه النجاسة، أو علم بها ثم نسي أن يغسلها حتى تمت صلاته: فإن صلاته صحيحة، ولا يلزمه أن يعيد.
ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ذات يوم فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم سألهم: لماذا خلعوا نعالهم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا.
فقال: ( إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما خبثاً )؛ ولو كانت الصلاة تبطل باستصحاب النجاسة حال الجهل، لاستأنف النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة .
إذن اجتناب النجاسة في البدن ، والثوب ، والبقعة: شرط لصحة الصلاة ، لكن إذا لم يتجنب الإنسان النجاسة جاهلاً ، أو ناسياً: فإن صلاته صحيحة ، سواء علم بها قبل الصلاة، ثم نسي أن يغسلها، أو لم يعلم بها إلا بعد الصلاة ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (12/ 390).
والحاصل:
أن الصلاة مع حمل عيّنة البول أو الدم لا تصح، إلا إن حملها وصلى بها ناسيا أو جاهلا، فإن صلاته تصح، على القول الراجح.
والله أعلم.