الحمد لله.
الهدايا التي يدفعها الخاطب إلى مخطوبته ليست هدايا محضة، وإنما المعتبر فيها: رغبة الخاطب أنهم يتمون له النكاح، ولولا هذا لم يقدمها الخاطب إلى مخطوبته.
ولذلك:
إذا حصل فسخ الخطوبة، وكان الفسخ من جهة المرأة أو أهلها: فالواجب عليها أن ترد إلى الخاطب هداياه.
وأما إذا كان الفسخ من جهة الخاطب، مع استعداد المرأة وأهلها أن يتموا النكاح، فلا شيء للخاطب، وليس له أن يطالب برد الهدايا التي قدمها لهم، لأن الفسخ حصل من جهته.
قال البهوتي رحمه الله:
"(وَهَدِيَّةُ زَوْجٍ: لَيْسَتْ مِنْ الْمَهْرِ)، نَصًّا [أي : نص على ذلك الإمام أحمد].
(فَمَا) أَهْدَاهُ زَوْجٌ (قَبْلَ عَقْدٍ؛ إنْ وَعَدُوهُ) بِأَنْ يُزَوِّجُوهُ (وَلَمْ يَفُوا)، بِأَنْ زوَّجُوهَا غَيْرَهُ: (رَجَعَ بِهَا). قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
فَإِنْ كَانَ الْإِعْرَاضُ مِنْهُ، أَوْ مَاتَتْ: فَلَا رُجُوعَ لَهُ" انتهى من "شرح منتهى الإرادات" (3/24).
واستثنى بعض العلماء من الهدايا التي يجب ردها – في حال لزوم الرد، على ما سبق تفصيله - تلك الهدايا التي استهلكت، فلا رجوع للخاطب فيها، كالطعام والنقود التي أنفقت ... ونحو ذلك.
جاء في "الدر المختار" (3/153) للحصكفي الحنفي:
"(وكذا) يُسترد (ما بعث هدية، وهو قائم؛ دون الهالك، والمستَهْلَك)؛ لأنه في معنى الهبة" انتهى.
وذكر الصنعاني رحمه الله في "سبل السلام" (3/326) التفريق بين ما كان قد استهلك وما كان باقيا، فيجب رد الثاني دون الأول، ثم قال : "إلا أن يمتنعوا من تزويجه؛ رجع بقيمته في الطرفين جميعا" انتهى.
وعلى هذا؛ فإن كان الفسخ من الخاطب، فلا حق له في استرداد هذا المال (المصروف).
وإن كان الفسخ من المرأة أو أهلها، فله الحق في استرداده.
وينظر جواب السؤال رقم: (149744)، ورقم (101859).
والله أعلم .