هل السفيه الذي يضيع المال مكلف بالصلاة والصيام والحج؟ وما حكمه في الآخرة؟
الحمد لله.
أساس التكليف : العقل ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ،ـ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ رواه أبو داود (4403)، والترمذي (1423)، والنسائي (3432)، وابن ماجه (2041)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
فما دام الإنسان عاقلا فهو مكلف.
والسفيه عاقل، غير أنه لا يحسن التصرف في المال.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (16/100):
"السَّفَهُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: خِفَّةٌ تَبْعَثُ الإْنسَانَ عَلَى الْعَمَل فِي مَالِهِ بِخِلاَفِ مُقْتَضَى الْعَقْل وَالشَّرْعِ مَعَ قِيَامِ الْعَقْل حَقِيقَةً.
قَال الْحَنَفِيَّةُ: فَالسَّفَهُ لاَ يُوجِبُ خَلَلاً، وَلاَ يَمْنَعُ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ ...
وَفِي جَوَاهِرِ الإْكْلِيل: السَّفِيهُ: الْبَالِغُ الْعَاقِل الَّذِي لاَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَال فَهُوَ خِلاَفُ الرَّشِيدِ" انتهى.
فهذا نص صريح من الفقهاء بأن السفيه في المال هو بالغ عاقل، وأن السفه لا يمنع شيئا من أحكام الشرع.
وبناء على هذا يقال: ما دام أن السفيه لم يبلغ به سفهه حد الجنون، أو العَتَه؛ فهو مكلف بجميع شرائع الإسلام، كالصلاة والصيام والحج وغيرها.
إلا أنه فيما يتعلق بالمال لا يعطى المال في يده، وإنما يكون ماله بيد وليه ينفق عليه منه، لقول الله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا النساء/5.
قال ابن كثير رحمه الله:
"ينهى تعالى عن تَمْكين السفهاء من التصرّف في الأموال التي جعلها الله للناس قياما، أي: تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها.
ومن هاهنا يُؤْخَذُ الحجر على السفهاء، وهم أقسام:
فتارة يكون الحَجْرُ للصغر؛ فإن الصغير مسلوب العبارة.
وتارة يكون الحجرُ للجنون.
وتارة لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين.
وتارة يكون الحجر للفَلَس، وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاقَ ماله عن وفائها، فإذا سأل الغُرَماء الحاكم الحَجْرَ عليه حَجَرَ عليه" انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/214).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(69135)، ورقم: (302077).
والله أعلم.