الحمد لله.
ذكر بعض المفسرين في الآية أن " السفهاء" هم النساء ، وهذا القول غير صحيح ، بل المراد بـ "السفيه" كل من لا يحسن التصرف في المال ، ذكراً كان أم أنثى ، فيشمل : المجنون ، والصبي الصغير ، الرجل البالغ - وكذلك المرأة - الذي لا يحسن التصرف في المال ، بل يضيعه وينفقه على ما لا ينفعه .
وقد رد بعض المفسرين القول بأن المراد بذلك النساء ، واستبعدوه لغة وشرعاً .
أما لغة فقالوا : إنه لا يقال في النساء " سفهاء " بل " سفائه " ، و " سفيهات " .
وأما شرعاً فلتواتر النصوص القرآنية والنبوية المبينة لتملك النساء للمال ولتعاملهن بيعاً وشراءً وإجارة ، ولا يزال الأزواج يعطون نساءهم نفقة البيت للقيام على شئونه ، ولما منع أبو سفيان النفقة عن زوجته واشتكت للنبي صلى الله عليه وسلم قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) رواه البخاري (2097) ومسلم (1714) .
قال القرطبي :
واختلف العلماء في هؤلاء " السفهاء " من هم فعن سعيد بن جبير قال : هم اليتامى لا تؤتوهم أموالكم ، قال النحاس : وهذا من أحسن ما قيل في الآية ، وروى إسماعيل بن أبي خالد عن أبي مالك قال : هم الأولاد الصغار لا تعطوهم أموالكم فيفسدوها وتبقوا بلا شيء ، وروى سفيان عن حميد الأعرج عن مجاهد قال : هم النساء ، قال النحاس وغيره : وهذا القول لا يصح ، إنما تقول العرب في النساء " سفائه " أو " سفيهات " . . . وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : السفهاء هنا كل من يستحق الحجر .
"تفسير القرطبي" (5/28) .
وذكر ابن جرير الطبري رحمه الله أقوال المفسرين في الآية – ومنها القول بأن المراد بذلك النساء – ثم قال :
" والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا أن الله جل ثناؤه عم بقوله : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) فلم يخصص سفيها دون سفيه ، فغير جائز لأحد أن يؤتي سفيها ماله صبيا صغيرا كان أو رجلا كبيرا ، ذكرا كان أو أنثى ، والسفيه الذي لا يجوز لوليه أن يؤتيه ماله ، هو المستحق الحجر بتضييعه ماله وفساده وإفساده وسوء تدبيره ذلك . . .
وأما قول من قال : عنى بالسفهاء النساء خاصة ، فإنه جعل اللغة على غير وجهها " انتهى .
"تفسير الطبري" (3/249) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" السفهاء ، جمع " سفيه " وهو : من لا يحسن التصرف في المال ، إما لعدم عقله ، كالمجنون والمعتوه ، ونحوهما ، وإما لعدم رشده ، كالصغير وغير الرشيد ، فنهى الله الأولياء أن يُؤتوا هؤلاء أموالهم خشية إفسادها وإتلافها ؛ لأن الله جعل الأموال قياماً لعباده في مصالح دينهم ودنياهم ، وهؤلاء لا يُحسنون القيام عليها وحفظها " انتهى .
"تفسير السعدي" (ص130، 131) .
فتبين بذلك أنه لا حرج على الرجل أن يعطي المال لزوجته لتنفق منه على البيت ، إذا كانت عاقلة رشيدة بحيث تحسن التصرف في المال .
والله أعلم .
تعليق