لقد تزوج ابني بامرأة سوء عملت له سحراً ، فانقلب على أهله جميعاً ، وصار لا يرد لها أي طلب مهما كان . وقد قبضت هيئة الأمر بالمعروف عليها هي وعشيقها وثبتت تلك الجريمة عليها ، ومع ذلك فابني رفض طلاقها ودائماً يدافع عنها . ودخلنا بينها فوجدنا أشياء غريبة فقد وجدنا حذاء موضوعاً على كتاب الله فوق الدولاب ( والعياذ بالله ) ووجدنا أشياء أخرى ، وعندها خادمات من بلاد يعرفون بالسحر . مما جعلنا نقطع أنها سحرت ابني ، وقد ذهبنا إلى أحد المشايخ ليقرأ عليه فظهرت عليه علامات السحر .
وهو الآن يرفض العلاج ولا يصدقنا أنه مسحور . فماذا نفعل ؟ هل تقوم بالذهاب إلى أحد السحرة لفك السحر ؟
وقد توفي والده وهو الآن يطالبنا بنصيبه من ميراث أبيه ، فهل نعطيه المال ، وهو مسحور يضيع أمواله ، وهذه المرأة قد سلبت جميع أمواله وضيعتها على السحر والشعوذة ، مع العلم أن له أولاداً يحتاجون إلى هذا المال .
الحمد لله.
أولاً :
لا شك أن ما أصاب ابنكم هو من البلاء لكم ، ونسأل الله تعالى أن يصبِّركم ، ويثبتكم على دينه ، كما نسأل الله له الشفاء ، والظاهر أنه واقع تحت تأثير السحر ، فلا ينبغي لكم مؤاخذته على تصرفاته معكم ، ولا يرضى عاقل أن يعلم عن امرأته بشيء مما فعلته ويسكت عنها ، لكن يبدو أن السحر قد أثَّر عليه تأثيراً بالغاً حتى وقف معها وانقلب عليكم.
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 11290 ) حرمة علاج السحر بالسحر ، وفيه وفي جواب السؤال رقم ( 12918 ) بيان العلاج الشرعي للسحر .
ويمكنكم علاج ولدكم بالقراءة على الماء وسقيه له دون علمه ، وعليكم ملازمة الدعاء مع استعمال العلاج ، فلعل الله تعالى أن يكشف عنه البأس والضر .
ثانياً :
يتوقف دفع حق ولدكم من الميراث على حسن تصرفه بالمال ، فإن كان المال سيقع في يده أو يد زوجته ولن يحسنا التصرف فيه : فلا يجوز لكم تمكينه من المال ، وليبقَ معكم ، ولتنفقوا عليه وعلى أبنائه منه ، وهو أمانة في أيديكم لا ينبغي لكم التفريط فيه .
قال الله تعالى : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا . وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) النساء/5 ، 6 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي :
السفهاء جمع " سفيه " وهو : من لا يحسن التصرف في المال ، إما لعدم عقله , كالمجنون والمعتوه , ونحوهما ، وإما لعدم رشده , كالصغير وغير الرشيد ، فنهى الله الأولياء أن يؤتوا هؤلاء أموالهم , خشية إفسادها وإتلافها ، لأن الله جعل الأموال قياماً لعباده , في مصالح دينهم ودنياهم ، وهؤلاء لا يحسنون القيام عليها وحفظها ، فأمر الله الولي أن لا يؤتيهم إياها بل يرزقهم منها , ويكسوهم , ويبذل منها , ما يتعلق بضروراتهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية , وأن يقولوا لهم قولاً معروفاً , بأن يعِدوهم إذا طلبوها أنهم سيدفعونها لهم بعد رشدهم , ونحو ذلك , ويلطفوا لهم في الأقوال , جبراً لخواطرهم ، وفي إضافته تعالى الأموال إلى الأولياء إشارة إلى أنه يجب عليهم أن يعملوا في أموال السفهاء , ما يفعلونه في أموالهم , من الحفظ , والتصرف , وعدم التعرض للأخطار .
وفي الآية دليل على أن نفقة المجنون والصغير والسفيه , في مالهم , إذا كان لهم مال لقوله ( وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ ) . " تفسير السعدي " .
وينبغي رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية وأقامة البينة على أن هذا الولد لا يحسن التصرف في ماله ، حتى تقوم المحكمة بالحجر عليه وتعين ولي على ماله .
والله أعلم .