هناك كلمة متداولة بين الناس، خاصة النساء،إذا قيل لأحداهن يالغالية، أو أنتِ والله غالية، وكذا، فبعضهن ترد بكلمة: الله لا يغلك في غالي. السؤال: هل يجوز الرد بهذه الكلمات، أو أنها تدخل فيما ورد في الآية :وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ؟
الحمد لله.
قولهم: الله لا يغلك في غالي، معناه: لا يحرمك ولا يمنعك من غالي، ومفهومه أن الله قد يحرم بعض الناس، وهذا لا مانع منه، فالله سبحانه هو القابض الباسط، يقبض ويبسط، ويعطي ويمنع، كما قال: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ الشورى/27.
ولا علاقة لهذا بقول اليهود عليهم من الله ما يستحقون: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ المائدة/64؛ فإنهم وصفوا الله بالبخل، وأنه مغلول اليد، لم يصفوه بأنه يغل من شاء من عباده، فهذا المعنى صحيح، وتدل عليه الآية نفسها، قال الله: غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا.
قال ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/565): "وفي قوله تعالى: غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ثلاثة أقوال:
أحدها: غلت في جهنم. قاله الحسن.
والثاني: أُمسكت عن الخير. قاله مقاتل.
والثالث: جُعِلوا بُخلاء، فهم أبخل قوم، قاله الزجّاج" انتهى.
ويحتمل أن يكون معنى العبارة: الله لا يغليك في غالٍ، أي لا يجعل غاليا يستكثر عليك ما يعطيه لك، كقول أبي فراس الحمداني:
ونحن أناسٌ لا توسطَ بيننا لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
تَهونُ علينا في المعالي نفوسُنا ومن يَخْطُب الحسناءَ لم يُغْلِها المهر
وهذا المعنى أيضا لا حرج فيه.
والله أعلم