الحمد لله.
قولهم: الله لا يغلك في غالي، معناه: لا يحرمك ولا يمنعك من غالي، ومفهومه أن الله قد يحرم بعض الناس، وهذا لا مانع منه، فالله سبحانه هو القابض الباسط، يقبض ويبسط، ويعطي ويمنع، كما قال: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ الشورى/27.
ولا علاقة لهذا بقول اليهود عليهم من الله ما يستحقون: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ المائدة/64؛ فإنهم وصفوا الله بالبخل، وأنه مغلول اليد، لم يصفوه بأنه يغل من شاء من عباده، فهذا المعنى صحيح، وتدل عليه الآية نفسها، قال الله: غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا.
قال ابن الجوزي في "زاد المسير" (1/565): "وفي قوله تعالى: غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ثلاثة أقوال:
أحدها: غلت في جهنم. قاله الحسن.
والثاني: أُمسكت عن الخير. قاله مقاتل.
والثالث: جُعِلوا بُخلاء، فهم أبخل قوم، قاله الزجّاج" انتهى.
ويحتمل أن يكون معنى العبارة: الله لا يغليك في غالٍ، أي لا يجعل غاليا يستكثر عليك ما يعطيه لك، كقول أبي فراس الحمداني:
ونحن أناسٌ لا توسطَ بيننا لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
تَهونُ علينا في المعالي نفوسُنا ومن يَخْطُب الحسناءَ لم يُغْلِها المهر
وهذا المعنى أيضا لا حرج فيه.
والله أعلم
تعليق