الحمد لله.
أولا:
يجوز بيع البيت مع استثناء منفعته، أي السكنى فيه مدة معلومة، كسنة مثلا. وإلى هذا ذهب المالكية والحنابلة.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/29):
" النوع (الثالث: شرط بائع) على مشترٍ (نفعا، غير وطء ودواعيه) كمباشرة دون فرج وقُبلة: فلا يصح استثناؤه ; لأنه لا يحل إلا بملك يمين أو عقد نكاح، (معلوما) أي النفع (في مبيع) متعلق بنفع، (كـ) اشتراط بائع (سكنى الدار) المبيعة (شهرا) مثلا، (وحُملان البعير) أو نحوه المبيع (إلى) محل (معين)، وكاشتراطه خدمة العبد المبيع مدة معلومة، فيصح نصا، لحديث جابر " أنه باع النبي صلى الله عليه وسلم جملا واشترط ظهره إلى المدينة "، وفي لفظ قال " فبعته بأوقية واستثنيت حُملانه إلى أهلي " متفق عليه" انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (31/7): " اختلف الفقهاء في صحة اشتراط تأجيل تسليم (العين) إلى المنقول إليه ملكيتها مدة معلومة للانتفاع بها على رأيين:
الأول: يرى المالكية والحنابلة وهو رأي مرجوح في مذهب الشافعية: أنه يجوز أن يشترط تأجيل تسليم العين إلى المدة التي يحددها المتعاقدان، وأن يكون المنتفع بها هو الناقل للملكية، وهذا الرأي منقول عن الأوزاعي، وابن شبرمة، وإسحاق، وأبي ثور.
ومن أمثلته: إذا باع دارا على أن يسكنها البائع شهرا، ثم يسلمها إليه، أو أرضا على أن يزرعها سنة، أو دابة على أن يركبها شهرا، أو ثوبا على أن يلبسه أسبوعا.
واستدل لهذا الرأي بأن عموم الآيات والأحاديث تأمر بالوفاء بالعقود. قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود. . .، وقال تعالى: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا، وقال عليه الصلاة والسلام: (المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا، أو أحل حراما)؛ فالآيات والأحاديث تأمر بالوفاء بكل عقد وشرط لا يخالف كتاب الله، ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وبخصوص ما روي عن جابر رضي الله عنه أنه كان يسير على جمل قد أعيا، فضربه النبي صلى الله عليه وسلم، فسار سيرا لم يسر مثله. فقال: بعنيه. فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي. متفق عليه. فهذا الحديث يدل على جواز اشتراط تأجيل تسليم المبيع فترة ينتفع فيها البائع به، ثم يسلمه إلى المشتري.
ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الثٌّنيا أي الاستثناء، إلا أن تعلم؛ وهذه معلومة، وأكثر ما فيه تأخير تسليم المبيع مدة معلومة، فصح.
الثاني: يرى الحنفية، وهو الراجح عند الشافعية، عدم صحة اشتراط تأجيل تسليم العين.
واستدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع وشرط، وروي أن عبد الله بن مسعود اشترى جارية من امرأته زينب الثقفية، وشرطت عليه أنك إن بعتها فهي لي بالثمن. فاستفتى عمر رضي الله عنه، فقال " لا تقربها وفيها شرط لأحد"، وروي أن عبد الله بن مسعود اشترى جارية واشترط خدمتها، فقال له عمر: لا تقربها وفيها مثنوية " انتهى.
ثانيا:
إذا أعسر المشتري، أو ماطل في السداد: جاز فسخ العقد.
قال في "كشاف القناع" (3/ 240): " أو كان المشتري معسرا ، ولو ببعض الثمن ، فللبائع الفسخ في الحال ، لأن في التأخير ضررا عليه" انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (32/136) : "وَيَرَى ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا كَانَ مُوسِرًا مُمَاطِلاً فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ، دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُخَاصَمَةِ، قَال فِي الإِنْصَافِ: وَهُوَ الصَّوَابُ" انتهى.
وينظر: جواب السؤال رقم: (289260)، ورقم: (280600).
وعليه؛ فإن كنتم ألغيتم العقد الأول، ثم أنشأتم عقدا جديدا يتضمن أن المشتري سيسدد الثمن على أقساط، وأن مدة السكن المجاني تبدأ من بعد سداده الثمن، فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.