الحمد لله.
الشريك يتصرف عن نفسه أصالة، وعن شركائه وكالة، والوكيل تصرفه مقيد بالإذن.
قال في "كشاف القناع" (3/ 506): " (والشركة) بسائر أنواعها (عقد جائز) من الطرفين؛ لأن مبناها على الوكالة والأمانة" انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكِّله، من جهة النطق أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن؛ فاختص بما أذن فيه، والإذن يعرف بالنطق تارة وبالعرف أخرى" انتهى من "المغني" (5/ 251).
وعليه؛ فلا يجوز للشريك التبرع بشيء من مال الشركاء إلا بإذنهم، وإلى ذلك ذهب جمهور الفقهاء.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 211): " و (لا) يجوز للشريك (أن يهب) من مال الشركة إلا بإذنٍ ...
(أو يقرض) منه، وظاهره: ولو برهن، (أو يحابي) في بيع أو شراء؛ لمنافاته مقصود الشركة وهو طلب الربح" انتهى.
وينظر: "بدائع الصنائع" (6/ 92)، "روضة الطالبين" (5/ 135)، "نهاية المحتاج" (5/ 9).
وجوز المالكية التبرع بالشيء اليسير، كإعارة آلة كماعون، أو إن فعل ذلك استئلافا للشركة، ليرغب الناس في التعامل معها.
وينظر: "شرح الخرشي" (6/ 43).
وحجة الجمهور في المنع:
1-أن التبرع ليس من مصلحة التجارة، فلا يملك الشريك فعله إلا بالإذن.
2-أن التبرع خلاف مقصود الشركة من الربح.
3-أن في التبرع إضرارا بمال الشركة، وهو خارج عن الهدف من عقد الشركة من الحفاظ على المال وتنميته.
وينظر: بحث " تصرف الشريك بالهبة والإقراض من مال الشركة"، للدكتور خالد بن عبد الرحمن المهنا، ضمن بحوث العدد الخامس من مجلة قضاء.
فعلى هذا المدير أن يتقي الله تعالى، وألا يتبرع بشيء من مال الشركة إلا بعلم شركائه وإذنهم الصريح، ولا يعفيه من ذلك كونه يسجل التبرعات ضمن المصروفات، إلا إذا كان الشركاء -جميعا - يطلعون على هذه السجلات بالفعل، ويقرونه على تبرعه.
والله أعلم.