هل يجوز استخدام هلام الحواجب، الذي ليس له لون ، ويستخدم فقط للحفاظ على الحواجب من الفوضى، والحفاظ على الشكل؟ وما حكم قَلب الرموش، حيث لا يتمُّ وضع أيّ مساحيق تجميل على الرموش، لكن فقط يقلبها لجعلها أكثر وضوحا؟ وما حكم استخدام زيوت الشفاه وبَلسَم الشفاه؛ لمنع تشقُّقَها، وهي لا تُعطي أيَّ لون، لكن لديها بعض اللمعان، فهل لا تزال تعتبر تبرجا؟ والعطر أيضا تبرج، فما الذي يمكن للمرأة استخدامه كبديلٍ للعِطر؛ لتشعر بمزيد من النظافة والأنوثة؟ وهل الزيوت المُعَطَّرة جائزة؟
الحمد لله.
تضمن سؤالك عدة مسائل:
المسألة الأولي:
استخدام هلام الحواجب (جل الحواجب)، وهو مادة هلامية شفافة تعمل على ترتيب الحاجبين وتعطيهما شكلاً جميلا، أي أنها نوع من تسريح الحواجب لتبدو أجمل.
وهذه المادة: الأصل في استخدامها الجواز، وتعتبر من أنوع الزينة، فمن كان اختيارها الفقهي كشف الوجه - لأن مسألة كشف وجه المرأة مسألة خلافية وإن كان موقعنا يرجح وجوب الستر كما في جواب السؤال (219722) - : فلا يجوز لها وضعها عند الخروج، ويجوز لها استخدامها عند من يجوز لها أن تبدي زينتها أمامهم.
والأمر الآخر: إذا كانت هذه المادة الهلامية تشكل طبقة فوق الحاجبين تمنع وصول الماء إليها، فعليها عند الوضوء أن تتحرى إزالتها، حتى يبلل الماء حاجبيها.
وإذا كان من المطلوب لهذه المادة ألا يأتي عليها الماء مدة يوم، أو أكثر أو أقل مما تمر عليه الصلوات، فلا يحل استخدامها مع ذلك، إذا كان يُترك غسل الوجه، أو غسل العينين في الوضوء لأجلها، بل تستخدمها المرأة في أيام عادتها التي لا تحتاج إلى أن تتوضأ فيها.
قال النووي رحمه الله: " إذا كان على بعض أعضائه شمع أو عجين أو حناء وأشباه ذلك، فمنع وصول الماء إلى شيء من العضو: لم تصح طهارته، سواء أكثر ذلك أم قل.
ولو بقي على اليد وغيرها أثر الحناء ولونه، دون عينه، أو أثر دهن مائع، بحيث يمس الماء بشرة العضو ويجري عليها لكن لا يثبت: صحت طهارته " انتهى من "المجموع" (١/٤67).
وجاء في الموسوعة الفقهية: "نص الحنفية والمالكية على أنه من شروط صحة الوضوء زوال ما يمنع وصول الماء إلى الجسد لجرمه الحائل كشمع وشحم وعجين وطين، واعتبر الشافعية والحنابلة إزالة مانع وصول الماء إلى البشرة من شروط الوضوء" انتهى من "الموسوعة الفقهية الكويتية" (43/329).
المسألة الثانية:
قلب الرموش، وتعرف بكبس الرموش أو برم الرموش، وهذا يتم دون إضافة أي مواد، وهو نوع من الزينة والأصل في فعله الجواز، فمن كان اختيارها الفقهي كشف الوجه فلا يجوز لها وضعها عند الخروج، ويجوز لها استخدامها أمام من يجوز لها أن تبدي زينتها أمامهم.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (239542).
المسألة الثالثة:
زيوت الشفاه، أو مرطب الشفاه، فهذه المرطبات أصناف متعددة، والغالب فيها أنها لا تشكل طبقة على الفم، وعليه فمن حيث حكم الوضوء فإنه لا يؤثر على صحته.
وإن كان مما يشكل طبقة وجرماً فهذا ينبغي إزالته عند الوضوء ليصل الماء إلى البشرة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى" أما إذا كان الدهن ليس له جرم، وإنما أثره باقٍ على أعضاء الطهارة، فإنه لا يضر، ولكن في هذه الحالة يتأكد أن يمر الإنسان يده على الوضوء لأن العادة أن الدهن يتمايز معه الماء، فربما لا يصيب جميع العضو الذي يطهره" انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/147).
أما من حيث كونه زينة، فهو كذلك يختلف باختلاف أصنافه، فإن كان يبدي لمعانا ملفتا وشكلا جمالياً، فهو نوع من الزينة والأصل في فعله الجواز، فمن كان اختيارها الفقهي كشف الوجه فلا يجوز لها وضعه عند الخروج، ويجوز لها استخدامه أمام من يجوز لها أن تبدي زينتها أمامهم.
المسألة الرابعة:
الزيوت المعطرة وبديل العطر.
الأصل أن العطر الذي تظهر ريحُه للآخرين لا يجوز للمرأة أن تستخدمه عند خروجها من البيت، ومرورها بغير محارمها. وقد جاء الوعيد الشديد فيه، فعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية رواه النسائي (5126) وحسنه الألباني.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة رواه مسلم (444).
وما يختص بالزيوت المعطرة، وبديل العطر فهي أصناف متعددة في الأسواق، والضابط في حكمها:
أنها إذا كانت تظهر رائحتها للآخرين عند الخروج: فحكمها ما سبق بيانه من المنع والتحريم.
وإن كانت لا تظهر رائحتها للآخرين، وإنما يكون لتطييب البدن وإزالة الروائح المستكرهة عنه، فهذا لا بأس باستخدامه عند الخروج.
فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ، وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ، وَلَا أَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ قَالَ: وَأَوْمَأَ الْحَسَنُ إِلَى جَيْبِ قَمِيصِهِ، قَالَ: وَقَالَ " أَلَا وَطِيبُ الرِّجَالِ رِيحٌ لَا لَوْنَ لَهُ، أَلَا وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنٌ لَا رِيحَ لَهُ".
رواه أبو داود (4048) والترمذي (2788)، وغيرهما، وصححه الألباني.
سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ – راوي الحديث – عقب روايته، كما عند أبي داود:
" أُرَهُ قَالَ: إِنَّمَا حَمَلُوا قَوْلَهُ فِي طِيبِ النِّسَاءِ: عَلَى أَنَّهَا إِذَا خَرَجَتْ.
فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا: فَلْتَطَّيَّبْ بِمَا شَاءَتْ" انتهى.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أن المرأة مأمورة بالاستتار حالة بروزها من منزلها، والطيب الذي له رائحة: لو شرع لها، لكانت فيه زيادة في الفتنة بها" انتهى من "فتح الباري لابن حجر" (10/366).
والله اعلم