الحمد لله.
أولًا:
لا شك أن اختيار الزوج الصالح عملية لا تتسم بالسهولة ولا تخلو أبدًا من التعقيد، ولا بد من سؤال الله التوفيق والإعانة، والحرص على دعاء الاستخارة، ثم يستشير الإنسان من يثق بعلمهم ودينهم، ويخطو خطواته بحذر، ويتعامل مع نتائج قراره بما يناسب ذلك من الصبر والشكر.
ثانيًا:
ذكرت في سؤالك أن سنك ليس صغيرًا، لكن عمر الخامسة والعشرين ليس كبيرًا أيضًا، ولا نعلم ما هي التفاصيل التي دعتك للحكم بأن فرص زواجك قليلة، لكن على كل حال، فالمؤمن يأخذ بالأسباب ويرجو ربه أن يرزقه فإن الله واسع الفضل والعطاء.
ثالثًا:
تتلخص مشكلات زوجك العاقد عليك في أمور:
الأمر الأول: عمله في بنك ربوي.
الأمر الثاني: عدم مواظبته على الصلاة.
الأمر الثالث: ضعف قدرته في التعبير عن مشاعره.
الأمر الرابع: ضعف المهارات الاجتماعية.
الأمر الخامس: مظاهر أفقدتك الشعور بقوامته، كاعتماده عليك في النفقة أحيانًا ورغبته في خروجك إلى العمل، واتكاله عليك في اتخاذ القرارات.
الأمر السادس: ضعف شخصيته وحساسيته المفرطة.
الأمر السابع: جهله بأساسيات دينه.
وقد أشرت إلى وعوده لك بالتحسن، وأنه قلل من استماعه للأغاني والمسلسلات، وذكرت أيضًا أنه رغم هدوئه صار ينزعج مؤخرًا من إبدائك للملاحظات على سلوكه.
رابعًا:
نجمل رأينا فيما تفضلت بذكره في النقاط التالية:
(1) بخصوص عمله في بنك ربوي، فهو عمل محرم، والراتب الذي يحصل عليه من هذا العمل: كسب محرم. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (103793).
(2) بخصوص تقصيره في الصلاة: فلا يخفى شناعة عمله ذلك، وفي كفره وخروجه من الإسلام بذلك: خلاف قوي معروف بين علماء الأمة، مع إجماعهم على فسقه.
قال ابن القيم، رحمه الله في كتاب "الصلاة" -ط عطاءات العلم- » (1/ 5): "لا يختلف المسلمون أنَّ ترك الصَّلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذُّنُوب، وأكبر الكبائر. وأنَّ إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النَّفس، وأخذ الأموال، ومن إثم الزِّنا، والسَّرقة، وشرب الخمر. وأنَّه متعرِّضٌ لعقوبة الله وسخطه وخِزْيه في الدُّنيا والآخرة. ثم اختلفوا في قتله، وفي كيفيَّة قتله، وفي كُفْره ...". انتهى.
وقد سبق أن تكلمنا عن خصوص الزواج من تارك الصلاة في جواب السؤال رقم: (213402).
(3) وأما الأمور الباقية: فهي، ولا شك، عيوب ونقائص لا يستهان به. لكن التعامل مع هذه العيوب من ناحية قبول الخطبة أو الاستمرار في مشروع الزواج ينبغي أن يُبنى على قاعدتين:
الأولى: عدم افتراض أن الشخص سيتغير أو يتحسن؛ فتغير الأخلاق والطبائع ممكن، لكنه صعب، ولا يصح أن يتخذ الإنسان قرارًا جوهريًا، كقرار الزواج بناء على مجرد الأمل بتغير الشخص أو تحسنه، بل لابد أن نفترض بقاء الحال على ما هو عليه، ونتخذ قرارنا إما باستكمال مشروع الزواج، أو عدم استكماله، لكن لا نشوش على تفكيرنا بافتراض تغيير قد لا يأتي، وأمامك مثال حاضر على هذا، فقد وعدك بترك العمل في البنك الربوي، وهو إلى الآن لم يفعل؛ وترك العمل، لو صدقت إرادته، أسهل بكثير، من تغيير الطبائع والأخلاق، وإن صدقت إرادته أيضا!!
القاعدة الثانية: أن أقارن عند اتخاذي للقرار بين عيوب هذا الشخص وقدرتي على التعايش معها، وبين أوضاعي الحالية، هل أفضل بقائي كما أنا على أن أعيش تحت ظل رجل توجد فيه هذه الطبائع، أو العيوب؟ أم يمكنني التعايش مع هذه العيوب، ولو بشيء من الألم، لكنه سيكون ألمًا أخف من ألم بقائي كما أنا؟
ويساعد على القرار هنا استيعاب التفكير في مميزات الشخص، وقد ذكرت شيئا منها في رسالتك، ونحن نعلم أنه، بلا شك: له مميزات أخرى لم تذكريها.
هذه هي منهجية التفكير السليمة لاتخاذ قرار كهذا، ولا يمكننا هنا أن نتخذ القرار بدلًا منك، فأنت التي ستتزوجين، وأنت التي ستتعاملين مع تبعات هذا القرار.
لكن إن جعلتينا في مقام الناصح الذي تستشيرينه، وتسترشدين برأيه؛ فلا نرى لنا من النصيحة لك أن تكملي مشروع زواجك من هذا الرجل، بل لعل الأنسب لك أن تتوقفي معه عند هذه النقطة، وقد خبرت طبائعه، وأخلاقه. لا سيما وأنت تذكرين أنك لا تميلين إليه، مع كونك لا تشعرين بقوامته، مع كونه شحيحًا في إبداء مشاعره، فهذه الأشياء معًا ربما تعوق نمو العلاقة بينكما بشكل يجبر النقص والعيب في شخصيته، وظروف حياته.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم: (192851).
والله أعلم.