أقسم بالله أن أقول كل حق، والله شهيد على كلامي، أنا عمري ٢٦ سنة، ولدي طفلان، أكبرهما في عمر ال ٨، مقيمة في دولة السويد، وزوجي هجرني منذ زمن، ومقيم في دولة الإمارات، ونحن في خلافات شديدة، وكره شديد جدا، ولدرجة أننا قمنا بحظر بعضنا لمدة شهرين، ومن ثم جاء إلى السويد، وهجم على منزلي، وشتمني أمام الجيران بأشد الكلمات النابية، ومن ثم أرسل إلي رسائل شتم لي ولأمي ولأهلي، وبدأ بتزوير قصص، وجعل معانيها تهتك في عرضي وشرفي، وقوله عني بأني أكبر زانية في المنطقة، وهو كان على علاقة بأكثر من امرأة أخرى بطريقة غير شرعية، وقد تأكدت بنفسي، وهو قام بالاعتراف، وقال: إنه لا يعيبني هذا مادمت رجلاً، وللأسف أنه مدمن للمخدرات والمسكرات، ويقول: إنه لا يريدني، ولكن لا يريد أن يطلقني في نفس الوقت، وأنا أطلب منه الطلاق مرارا منذ زمن، وهو رافض لذلك، ويقول لي: لا أطلقك، اذهبي، واخلعي نفسك، وأنا في دولة السويد مطلقة قانونيا، وهو كان قد تنازل عن حضانة الأولاد منذ ثلاث سنوات، وأنا التي أرعى أطفالي طوال هذه المدة، وأنا أريد خلع نفسي منه، ولا أريد مقدما، ولا مأخرا، ولا حتى عود كبريت، أريد فقط أن أكمل حياتي مع أطفالي بسلام. فهل لي أن أخلع نفسي منه مقابل إعطائي إياه المهر، وهو المقدم والمؤخر؟ وكيف تتم عملية الخلع، وهو رافض للتواصل مع أي أحد؟
الحمد لله.
أولا :
الطلاق المدني الذي حصلت عليه في دولة غربية لا يعتبر طلاقا شرعيا، لأن القاضي الذي حكم به غير مسلم ، ومن شروط القاضي الذي ينفذ حكمه على المسلمين أن يكون مسلما .
إلا إذا كان زوجك قد تلفظ بالطلاق، أو كتبه بنية الطلاق: فيكون الطلاق قد وقع بلفظه ، لا بحكم القاضي.
كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (127179).
ثانيا :
لا يتم الخلع بين الزوجين إلا بتراضيهما ، لأن الخلع هو عقد بين طرفين ، وجميع العقود لا تقع إلا بتراضي أطرافها ، كالبيع والإجارة والنكاح والخلع .
إلا أن هناك صورة استثناها بعض العلماء .
وهي إذا تعذرت الحياة بين الزوجين ورأى الحاكم (القاضي المسلم) أن يلزم الزوج بالخلع ، فله ذلك ، فإذا أبى الزوج ذلك ، فللقاضي أن يخالع هو ، ويصح الخلع ويقع في هذه الحالة للضرورة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : "... وإن أبى الزوج الطلاق، أو رضي بالطلاق بشرط العوض، وأبت المرأة تسليم العوض: أخرهما القاضي مدة على حسب ما يقتضيه اجتهاده ، فلعلهما أن يصطلحا أو يسمح الزوج بالطلاق أو تسمح المرأة ببذل العوض .
فإن لم ينفع ذلك ، ولم تحصل الفرقة ، وترادا إلى الحاكم في ذلك : جاز للقاضي أن يجبر الزوج على الفراق بلا عوض ، إن ظهر له ظلمه .
وإن اشتبه الأمر : أجبر المرأة على تسليم العوض الذي دفع إليها الزوج ......
والدليل في هذا قصة ثابت بن قيس مع زوجته وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة) رواه البخاري .
قال العلامة ابن مفلح في الفروع : وقد اختلف كلام شيخنا في وجوبه ، وقد ألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء . انتهى ، ويعني بشيخه : شيخ الإسلام ابن تيمية ، ومراده : أن شيخ الإسلام أوجبه مرة ، ولم يوجبه أخرى .
والقول بوجوبه على الزوج هو الأقرب عندي كما تقدم ، وهو أحوط من كون القاضي يتولى ذلك ، وأحسم لمادة نزاع الزوج ، وقصة ثابت مع زوجته حجة ظاهرة في هذا ، ولله الحمد ، والله أعلم " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (21/256).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لا يحل للمرأة أن تسأل زوجها الطلاق إلا لسبب شرعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) .
أما إذا كان هناك سبب شرعي بأن كرهته في دينه، أو كرهته في خلقه، أو لم تستطع أن تعيش معه وإن كان مستقيم الخلق والدين، فحينئذٍ لا حرج عليها أن تسأل الطلاق، ولكن في هذه الحال تخالعه مخالعة، بأن ترد عليه ما أعطاها ثم يفسخ نكاحها.
ودليل ذلك: أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام.
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ( أتردين حديقته؟ وكان قد أصدقها حديقة ) .
فقالت : نعم ، يا رسول الله! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ) فأخذ العلماء من هذه القضية : أن المرأة إذا لم تستطع البقاء مع زوجها فإن لولي الأمر أن يطلب منه المخالعة، بل أن يأمره بذلك، قال بعض العلماء: يلزم بأن يخالع؛ لأن في هذه الحال لا ضرر عليه ؛ إذ إنه سيأتيه ما قدم لها من مهر، وسوف يريحها.
أما أكثر العلماء فيقولون: إنه لا يُلزم بالخلع، ولكن يُندب إليه ويرغب فيه، ويقال له: ( من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه )." انتهى من "اللقاء المفتوح" (54/6).
وعلى ذلك؛ فإذا أمكن التواصل مع الزوج بأي طريقة ، والاتفاق معه على الخلع مقابل ردك المهر وتنازلك عن المؤخر ، فقد حصل المقصود .
فإن رفض الزوج ذلك، ولم يمكن التواصل معه ، أو التوصل معه إلى اتفاق ، ولم يوجد القاضي المسلم : فإن جماعة المسلمين يقومون مقامه، وذلك كإمام الجامع الكبير ، ومسئول المركز الإسلامي، فتعرضين أمرك عليهم، ويستدعون زوجك ويسمعون منه، فإن استمر على ما هو عليه، فرقوا بينكما.
قال الدسوقي رحمه الله: " (تنبيه) من جملة أمر الغائب: فسخ نكاحه لعدم النفقة، أو لتضرر الزوجة بخلو الفراش. فلا يفسخ نكاحه إلا القاضي، ما لم يتعذر الوصول إليه حقيقة أو حكما، بأن كان يأخذ دراهم على الفسخ، وإلا قام مقامه جماعة المسلمين كما ذكر ذلك شيخنا العدوي" انتهى من "حاشية الدسوقي" (3/302).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" إذا كانت المرأة في بلاد ليس فيها ولي، لا أخ ولا أب ولا ابن عم، فإن الحاكم يقوم مقام الولي ، وليها الحاكم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (السلطان ولي من لا ولي له ) ، فالحاكم يقوم مقام وليها ويكون هو وليها ، يزوجها أو يوكل من يزوجها.
فإذا كانت في بلاد ليس فيها حاكم لا قاضٍ ولا ولي ، كالأقليات الإسلامية في بلاد الكفر ، فليزوجها رئيس المركز الإسلامي إذا كان عندهم مركز إسلامي ؛ لأنه بمثابة السلطان عندهم ، ورئيس المركز الإسلامي ينظر لها ويزوجها بالكفء إذا كان ليس لها أولياء ، وليس هناك قاضٍ ، وإذا كان الولي بعيداً : يخاطب ، يكاتب حتى يرسل الوكالة ، أما إذا كان لا يعرف محله : فالولي الذي بعده يقوم مقامه، الذي أدنى منه يقوم مقامه ، فإذا كان ما لها ولي سوى الغائب الذي يجهل مكانه ، فالسلطان يقوم مقامه " .
انظر : موقع الشيخ ابن باز.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (152402)، ورقم: (265694).
وحينئذ يتم التواصل مع زوجك عن طريق المركز الإسلامي ، فإما أن يقبل بالخلع ، وإما أن يقوم مدير المركز الإسلامي أو من يوكله المدير للقيام بذلك لإتمام الخلع .
والله أعلم .