الحمد لله.
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك شفاء لا يغادر سقما.
أولا :
الأصل في عورة الغير أنه لا يجوز النظر إليها ولا لمسها، وهذا في حق النساء والرجال جميعا، فلا ينظر بعضهم إلى عورة بعض.
عَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ) رواه مسلم (338).
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم :
" قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا يَنْظُر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الرَّجُل , وَلَا الْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة):
فيه تَحْرِيم نَظَر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الرَّجُل , وَالْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة , وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ .
وَكَذَلِكَ نَظَر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة ، وَالْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الرَّجُل حَرَام بِالْإِجْمَاعِ .
وَنَبَّهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَظَرِ الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الرَّجُل ، عَلَى نَظَرِهِ إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة ، وَذَلِكَ بِالتَّحْرِيمِ أَوْلَى .
وَهَذَا التَّحْرِيم فِي حَقّ غَيْر الْأَزْوَاج ، أَمَّا الزَّوْجَانِ : فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا النَّظَر إِلَى عَوْرَة صَاحِبه جَمِيعهَا " انتهى.
ثانيا :
يجوز للمريض أن يجمع بين الصلاتين ، فيجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء ، وذلك تيسيرا عليه ، ودفعا للمشقة حتى يتطهر طهورا واحدا للصلاتين .
وقد سبق بيان ذلك بأدلته في جواب السؤال رقم: (180122).
فيكون وقت الظهر والعصر ممتدا في أول وقت الظهر إلى آخر وقت العصر ، ويكون وقت المغرب والعشاء ممتدا من أول وقت المغرب إلى آخر وقت العشاء.
فتصلين الصلاتين المجموعتين في أي وقت من هذا.
ثالثا :
إذا لم تكن والدتك موجودة وكان لا يمكنك انتظارها وجمع الصلاة مع التي تليها، لكونها سترجع بعد خروج وقت الصلاة الثانية، فينبغي –إن أمكن- استئجار امرأة تقوم بهذه المهمة ، فهي مقدمة على الرجل، لأن اطلاع المرأة على عورة المرأة أخف من اطلاع الرجل على عورتها.
فإن لم يمكن هذا، فيجوز للوالد أو الأخ أن يقوم بما تقوم به والدتك، وهذا محل ضرورة، والضرورة تبيح للمسلم أن يفعل الحرام الذي لا تندفع ضرورته إلا به، ولا حرج عليه في ذلك، قال الله تعالى : (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) الأنعام/119 .
قال السعدي رحمه الله (ص 271) :
"ودلت الآية الكريمة، على أن الأصل في الأشياء والأطعمة الإباحة، وأنه إذا لم يرد الشرع بتحريم شيء منها، فإنه باق على الإباحة، فما سكت الله عنه فهو حلال، لأن الحرام قد فصله الله، فما لم يفصله الله فليس بحرام.
ومع ذلك، فالحرام الذي قد فصله الله وأوضحه، قد أباحه عند الضرورة" انتهى .
وفي هذه الحالة يكون التنظيف من غير نظر ولا لمس إن أمكن، ليلبس قفازين ولا ينظر، فإن اضطر للنظر، فإنه جائز للضرورة.
وفي " الموسوعة الفقهية " (14/19) : " لا خلاف بين الفقهاء في أن النظر إلى عورة الغير حرام، ما عدا نظر الزوجين كل منهما للآخر ، فلا يحل لمن عدا هؤلاء النظر إلى عورة الآخر، ما لم تكن هناك ضرورة تدعو إلى ذلك، كنظر الطبيب المعالج، ومن يلي خدمة مريض أو مريضة في وضوء أو استنجاء وغيرهما، وكقابلة ، فإنه يباح لهم النظر إلى ما تدعو إليه الحاجة من العورة، وعند الحاجة الداعية إليه، كضرورة التداوي والتمريض وغيرهما ، إذ الضرورات تبيح المحظورات ، وتنزَّل الحاجة منزلة الضرورة .
ثم النظر مقيد بقدر الحاجة؛ لأن ما أبيح للضرورة يقدَّر بقدرها" انتهى.
قال في "كشاف القناع" (5/ 13): "(ولطبيب : نظرُ ولمسُ ما تدعو الحاجة إلى نظره ولمسه ، حتى فرجها وباطنه) ؛ لأنه موضع حاجة...
(ومثله) أي الطبيب (من يلي خدمة مريض أو مريضة ، في وضوء واستنجاء وغيرهما" انتهى.
والله أعلم .