الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل للمريض أن يتيمم أو يجمع بين أكثر من صلاتين أو يصلي بحفاظة نجسة ؟

السؤال

رجل مقعد لا يستطيع الحركة ، وليس له عائل إلا أخته ، فهي تقوم بحاجته وتتحاشى النظر لعورته على قدر استطاعتها ، وهو يصلى ولله الحمد ، وهى تغير له الحفاضات ثلاث مرات ، لكن بصعوبة شديدة على المريض وعليها ، وهو عنده سلس في الإخراج أعزكم الله ، فهو يصلى الصبح ، ويجمع الظهر مع العصر ، والمغرب مع العشاء . لكنها تسأل عن حكم غسلها وتطهيرها له ؟ وهل له رخصة في أن يجمع أكثر من ذلك في الصلوات ؟. لأنه يعاني بشدة هو وهى من الاستنجاء والوضوء ؟ وهل يجوز له التيمم ؟ أو هل يجوز أن يصلى بدون خلع الحفاضة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً:
الأصل أن عورة الرجل لا يجوز أن ينظر إليها أمه ولا أخته ، لقوله صلى الله عليه: ( احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ) .
رواه أبو داود (4017) ، والترمذي (2794) ، وقال : هذا حديث حسن ، وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
لكن يجوز للأخت أن تغسل أخاها إن كان عاجزًا عن تطهير نفسه ، ولم يكن له زوجة تقوم على خدمته وتطهيره ، وليس عنده أيضا من الرجال من يقوم له بذلك ؛ لأنه يجوز كشف العورة ومسها حال الضرورة والحاجة الشديدة ، وكلما أمكنها ترك النظر إلى العورة ، أو مباشرتها بيدها : وجب عليها ذلك ؛ والأفضل أن تستخدم حائلاً ، كخرقة ، أو قفاز ، أو نحو ذلك .
ويراجع الجواب رقم (50805) .

ثانيًا:
الأصل في الصلاة أنها تؤدى في وقتها بحسب الاستطاعة ؛ لقول الله تعالى : ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) النساء/103.
ويجوز الجمع بين الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء تقديمًا وتأخيرًا في بعض الأحوال كالسفر والمرض ونحو ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى " (22/293) :
" وأما الجمع فسببه الحاجة والعذر ، فإذا احتاج إليه جمع في السفر القصير والطويل ، وكذلك الجمع للمطر ونحوه ، وللمرض ونحوه ، ولغير ذلك من الأسباب ؛ فإن المقصود به رفع الحرج عن الأمة " انتهى .
ويراجع الجواب رقم (97844) .

ولم يأت في الشرع الرخصة بالجمع بين أكثر من صلاتين ، ولا يجوز للمريض إخراج الصلاة عن وقتها إلا في حال الجمع الذي جاء به الشرع ؛ ولذلك فلا يجوز الجمع بين أكثر من صلاتين لأنه لم يأت به الشرع .
وسئلت اللجنة الدائمة : " عن مريضة تخرج الصلاة عن وقتها بسبب مرضها وتنقلها بين عدة مستشفيات فأجابت :
" الصلاة لا يجوز أن تؤخريها عن وقتها ، وعليك أن تصلي في الوقت حسب استطاعتك ؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فمُسْتَلْقِيًا ) ، وللمريض أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما ، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة" (8/83) .

ثالثًا :
لا يجوز التيمم مع وجود الماء والقدرة على استخدامه ، لكن إذا كان المريض لا يستطيع استعمال الماء ، أو خاف حدوث ضرر باستعماله ، أو وجد في استعماله مشقة شديدة ، فإنه يجوز له التيمم.
قال الله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ) النساء/43 .
قال القاضي ابن العربي في " أحكام القرآن" (1/560):
" المرض عبارة عن خروج البدن عن الاعتدال والاعتياد إلى الاعوجاج والشذوذ ؛ وهو على ضربين : يسير وكثير ، وقد يخاف المريض من استعماله ، وقد يعدم من يناوله إياه وهو يعجز عن تناوله ، ومطلق اللفظ يبيح التيمم لكل مريض إذا خاف من استعماله وتأذيه بالماء " انتهى.

وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : " إني طريح الفراش ولا أقوى على الحركة فكيف أقوم بعملية الطهارة لأداء الصلاة وكيف أصلي ؟
فأجابت : " أولا : بالنسبة للطهارة يجب على المسلم أن يتطهر بالماء ، فإن عجز عن استعماله لمرض أو غيره تيمم بتراب طاهر ، فإن عجز عن ذلك سقطت الطهارة وصلى حسب حاله ، قال تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وقال جل ذكره : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ، أما ما يتعلق بالخارج من البول والغائط فيكفي فيه الاستجمار بحجر أو مناديل طاهرة ، يمسح بها محل الخارج ثلاث مرات أو أكثر حتى ينقي المحل " .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة "(5/346) .

رابعًا :
لا يجوز للمريض أن يصلي في الحفاظة المحتوية على النجاسات ، ويمكنه الاستغناء عنها بأن يجعل بقربه إناءً ونحوه يقضي فيه حاجته ، ويستنجي أو يستجمر ولو بمنديل ونحوه .
أما إن كان الأيسر له استخدام الحفاظة فيجب عليه قبل الصلاة إزالتها وتبديلها إذا تنجست ، كما أن عليه التطهر من النجاسة .
وإن كان مصابًا بسلس البول فيلزمه أن يغسل محل النجاسة ، ثم يتحفظ بما يمنع انتشار البول ، وأن يتوضأ بعد دخول وقت الصلاة إن خرج منه شيء ، ولا يلزمه أن يجدد غسل المحل والعصابة لكل صلاة ، إلا إذا قصّر وأهمل في التحفّظ .
ويراجع الجواب رقم (147025) ، ورقم (106751) ورقم (126293) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب