هل تنظيف اللسان من السُّنة؟
الحمد لله.
النظافة عمومًا من السنة والدين، كما قال ابن تيمية “فإن نظافة البدن من الأوساخ مستحبة”، انتهى من “مجموع الفتاوى” (21/ 306)
وإن الله “طيب لا يقبل إلا طيبا، وهو نظيف يحب النظافة، وجميل يحب الجمال”، انتهى من “منهاج السنة النبوية” (5/ 313)
ومن السنن الثابتة والتي لها تعلق بتنظيف الفم: المضمضة، والسواك، وكلاهما له دور في تنظيف اللسان.
كما قال أبو حامد الغزالي في “إحياء علوم الدين” (1/ 137): “ما يجتمع على الأسنان، وطرف اللسان، من القَلح؛ فيزيله السواك والمضمضة”، انتهى
وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعمل السواك في تنظيف اللسان.
ففي “صحيح مسلم” (254) عن أبي موسى، قال: “دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ“.
وفي “صحيح البخاري” (244) قال: “أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته يستن بسواك بيده يقول (أع، أع)، والسواك في فيه، كأنه يتهوع”.
وعند أحمد في “المسند” (32/514) بلفظ: “دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستاك، وهو واضع طرف السواك على لسانه؛ يستن إلى فوق”.
فوصف حماد: كأنه يرفع سواكه. قال حماد: ووصفه لنا غيلان قال: كان يستن طولا.
وقوله (أُع أُع) ضبطه بعض الرواة بضم الهمزة، وبعضهم بفتح الهمزة، وروي بتقديم العين على الهمزة. قال الحافظ ابن حجر: “وإنما اختلف الرواة لتقارب مخارج هذه الأحرف، وكلها ترجع إلى حكاية صوته، إذ جعل السواك على طرف لسانه كما عند مسلم، والمراد طرفه الداخل كما عند أحمد (يستن إلى فوق)، ولهذا قال هنا: (كأنه يتهوع) والتهوع التقيؤ، أي له صوت كصوت المتقيئ على سبيل المبالغة.
ثم قال: “ويستفاد منه مشروعية السواك على اللسان طولا“. انتهى من “فتح الباري” لابن حجر (1/356).
وقال ابن هانئ: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: “يستاك على اللسان“، انتهى من “مسائل ابن هانئ” (14).
قال ابن قدامة المقدسي: ” ويستاك على أسنانه ولسانه“. انتهى من “المغني” (1/135).
وقال ابن دقيق العيد: “والعلة التي تقتضي الاستياك على الأسنان، موجودة في اللسان، بل هي أبلغ وأقوى، لما يرتقي إليه من أبخرة المعدة.
وقد ذكر الفقهاء: أنه يستحب الاستياك عرضا. وذلك في الأسنان.
وأما في اللسان: فقد ورد منصوصا عليه في بعض الروايات؛ الاستياك فيه طولا”. انتهى من “إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام” (1/111).
وقال في شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (3/ 145): “فيه دليل على استحباب السواك على اللسان، وذكرُ ذلك قليل في أكثر كتب الفقهاء، وقد نصَّ عليه بعضُهم فقال: ويستاك على أسنانه ولسانه، واستدلَّ بحديث أبي موسى”.
وقال: “العلة في ذلك ظاهرة لما يتركَّبُ على اللسان بسبب الأبخرة المترقية من المعدة، بل ربما تكون الحاجة إلى ذلك في زوال ما يكره من الرائحة، أقوى من الحاجة إلى الاستياك على الأسنان، وأقلُّه أن يساويَه”.
وفي «حاشية الجمل على شرح المنهج” (1/ 117): “ويستحب أن يمر السواك على سقف فمه بلطف، وعلى كراسي أضراسه، وينبغي أن يجعل استعماله في كراسي الأضراس تتميما للأسنان، ثم بعد الأسنان اللسان، وبعد اللسان سقف الحنك”، انتهى.
وليس المراد مما سبق أن تنظيف اللسان يقتصر على استعمال السواك، بل السواك إحدى الوسائل، والمعنى فيه: تنظيف الفم والاسنان واللسان، فبأي وسيلة تحقق ذلك فهي مطلوبة.
قال شيخ الإسلام : “السِّوَاك: إِنَّمَا شُرِعَ لِتَطْيِيبِ الْفَمِ وَتَطْهِيرِهِ وَتَنْظِيفِهِ”، انتهى من “شرح عمدة الفقه” (1/218) .
وينظر جواب السؤال: (219510).
وهذا التنظيف للفم والأسنان واللسان: من العادات الحسنة التي ندب لها الشرع، ولذا فلا يؤجر الإنسان على فعلها إلا إذا فعلها بنية التعبد والتسنن، لا لمجرد قصد النظافة.
والله أعلم.