هل ينقض أكل لحم الإبل الوضوء؟
الصحيح أنه يجب الوضوء من أكل لحوم الإبل صغيراً كان أو كبيراً ذكراً أو أنثى مطبوخاً أو نيئاً، وعلى هذا دلّت الأدلّة منها حديث جابر، سئل النبي صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم، قال: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت.
الحمد لله.
الصحيح أنه يجب الوضوء من أكل لحوم الإبل صغيراً كان أو كبيراً ذكراً أو أنثى مطبوخاً أو نيئاً، وعلى هذا دلّت الأدلّة:
وأما الذين لم يوجبوا الوضوء من لحم الإبل، فإنهم ردوا بأشياء، منها:
وهذا الرد لا يقابل النص الخاص السابق في “صحيح مسلم”.
ثم إنه ليس فيه دليل على النسخ؛ لأنهم سألوا أنتوضأ من لحوم الغنم؟ فقال: إن شئت.
فلو كان هذا الحديث منسوخاً لنسخ حكم لحم الغنم ولما قال: “إن شئت”: دل على أن هذه الأحاديث لاحقة لحديث جابر. والنسخ لا بد فيه من دليل يفيد أن الناسخ مقدم في التاريخ ولا دليل.
ثم إن حديث النسخ عام، وهذا خاص يخصص عموم الحديث. ثم إن سؤاله عن لحوم الغنم يبين أن العلة ليست في مس النار لأنه لو كان كذلك لتساوت لحوم الإبل ولحوم الغنم في ذلك.
والرد: الحديث: رواه البيهقي (1 / 116) وضعفه، والدار قطني (ص 55)، وهو حديث ضعيف فيه ثلاث علل، انظر تحقيقها في “السلسلة الضعيفة” (959).
وإن صح – تنزلاً –: فهو عام، وحديث إيجاب الوضوء خاص.
والرد: أن هذا بعيد، لأن الظاهر منه هو الوضوء الشرعي لا اللغوي، وحمل الألفاظ الشرعية على معانيها الشرعية واجب.
والرد: قال الشيخ الألباني رحمه الله: لا أصل لها في شيء من كتب السنة ولا في غيرها من كتب الفقه والتفسير فيما علمت. ” السلسة الضعيفة ” (3 / 268).
والراجح في المسألة: أن الوضوء مما مست النار منسوخ. وأنه يجب الوضوء من لحوم الإبل.
قال النووي:
وذهب إلى انتقاض الوضوء به أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبو بكر ابن المنذر وابن خزيمة واختاره الحافظ أبو بكر البيهقي، وحُكي عن أصحاب الحديث مطلقا وحُكي عن جماعة من الصحابة.
واحتج هؤلاء بحديث جابر بن سمرة الذي رواه مسلم: قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا حديثان حديث جابر وحديث البراء وهذا المذهب أقوى دليلا وإن كان الجمهور على خلافه.
وقد أجاب الجمهور عن هذا الحديث بحديث جابر: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار، ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص والخاص مقدم على العام. “شرح مسلم” (4 / 49).
وقال به من المعاصرين: الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني.
وينظر لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: (242340، 14321، 177086، 36736).
والله أعلم.