صلى أحد زملائي تحية المسجد بعد أن انتهت الصلاة المفروضة ، وهو لم يصلها لكي ينتظر زملاءه أن يفرغوا من الوضوء ويصلوا جماعةً ، وأتى أشخاصٌ آخرون صلوا وراءه ظنًّا منهم أنه يصلي المفروضة ، فنوى أن يصلي المفروضة وهو في الركعة الأولى .
فهل صلاته صحيحةٌ ؟ وصلاة الأشخاص الآخرين ؟ .
الحمد لله.
أولاً :
لا يصح تغيير النية من نفل إلى فرض ؛ لأن الواجب في صلاة الفريضة أن تكون النية مقارنة لتكبيرة الإحرام , أو قبلها بزمن يسير .
قال النوويُّ رحمه الله "المجموع" (4/183-184) :
" قال الماوَرْدِيُّ : نقلُ الصلاةِ إلى صلاةٍ أقسامٌ :
أحدُها : نقلُ فرضٍ إلى فرض : فلا يحصلُ واحدٌ منهما .
الثاني : نقلُ نفلٍ راتبٍ إلى نفلٍ راتبٍ : كَوِتْرٍ إلى سنةِ الفجر ، فلا يحصلُ واحدٌ منهما .
الثالث : نقلُ نفلٍ إلى فرضٍ : فلا يحصل واحدٌ منهما. . . إلخ " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجلٍ دخل في صلاة ثم تذكر أنه لم يصلِّ العشاء , فقلب النية إلى صلاة العشاء ، فهل يصح ذلك ؟
فأجاب :
" لا يصح . . لأن العبادة المعينة لابد أن ينويها من أولها قبل أن يدخل فيها , لأنه لو نوى من أثنائها لزم أن يكون الجزء السابق على النية الجديدة خاليان من نية الصلاة التي انتقل إليها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوى ) . . . وعلى السائل أن يعيد صلاة العشاء " انتهى باختصار .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (12/443) .
وانظر جواب السؤال رقم (39689) .
ثانياً :
وأما حكم صلاة المأمومين , فهي صحيحة إن شاء الله تعالى , لأن صلاة الإمام وإن كانت لا تصح فريضة , إلا أنها تكون نافلة , لأنه قلب نيته جهلاً ، وظناً منه أن ذلك جائز , فيكون شبيهاً ممن دخل في الفريضة قبل وقتها وهو يظن دخول الوقت ؟ فإنها تكون نفلاً , وقد سبق في جواب السؤال (21764) أن صلاة المفترض خلف المتنقل صحيحة .
وعلى فرض أن صلاة الإمام تبطل بذلك , فلا يلزم من بطلان صلاة الإمام بطلان صلاة المأمومين .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام ؟
فأجاب : " لا تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام ، لأن صلاة المأموم صحيحه ، والأصل بقاء الصحة ، ولا يمكن أن تبطل إلا بدليل صحيح ، فالإمام بطلت صلاته بمقتضى الدليل الصحيح ، ولكن المأموم دخل بأمر الله فلا يمكن أن تفسد صلاته إلا بأمر الله ، والقاعدة : ( أن من دخل في عبادة حسب ما أُمر به ، فإننا لا نبطلها إلا بدليل ) .
ويستثنى من ذلك ما يقوم به مقام المأموم مثل السترة ، فالسترة للإمام ستره لمن خلفه ، فإذا مرت امرأة بين الإمام وسترته بطلت صلاة الإمام وبطلت صلاة المأموم ، لأن هذه السترة مشتركة ، ولهذا لا نأمر المأموم أن يتخذ سترة ، بل لو اتخذ سترة لعد متنطعاً مبتدعاً " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (12/450) .
والله أعلم .