يعطي أهله ليشتروا كماليات ويقترض من زوجته
ما رأي الشرع في الزوج الذي يعطي من أمواله لأهله ليشتروا أشياء غير أساسية وهو عليه ديون ويقترض من زوجته ليسدد ديونه ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
يتكرر كثيراً في أسئلة الناس قول " رأي الشرع " و " رأي الدين " ، وهذه الألفاظ غير
صحيحة المعنى ، فالأولى للمسلم اجتنابها .
قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله :
"ومن المصطلحات المولدة الفاسدة :
"رأي الدين" : الرأي في أساسه مبني على التدبر والتفكر ، ومنها قولهم : " رأي الدين
" ، " رأي الإسلام " ، " رأي الشرع " ، وهي من الألفاظ الشائعة في أُخريات القرن
الرابع عشر الهجري ، وهو إطلاق مرفوض شرعاً ؛ لأن الرأي يتردد بين الخطأ والصواب
فصار من الواضح منع إطلاقها على ما قضى الله به في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه
وسلم ، فهذا يقال فيه : " دين الإسلام " ، ( إِنَّ الدِّينَ عنْدَ الله الإِسلام )
والله سبحانه يقول : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )
الأحزاب/36.
فتشريع الله لعباده يقال فيه : حكم الله ، وأمره ، ونهيه وقضاؤه ، وهكذا ، وما كان
كذلك فلا يقال فيه " رأي " ، والرأي مدرجة الظن والخطأ والصواب .
أما إذا كان بحكمٍ صادر عن اجتهاد فلا يقال فيه : " رأي الدين " ، ولكن يقال : "
رأي المجتهد " أو " العالم " ؛ لأن المختلف فيه بحق يكون الحق فيه في أحد القولين
أو الأقوال .
وانظر بحثاً مهماً في كتاب " تنوير الأفهام لبعض مفاهيم الإسلام " للشيخ محمد بن
إبراهيم شقرة ص / 61 – 73" انتهى باختصار يسير .
" معجم المناهي اللفظية " ( ص 223 ، 224 ) الطبعة الأولى .
ثانياً :
يجب على الأولاد أن ينفقوا على والديهم ، وهذا الوجوب ثابت بالكتاب والسنة والإجماع
، وانظر جواب السؤال رقم (111892) .
وهذه النفقة الواجبة للوالدين لها شروط ، منها : أن يكون الولد قادراً على الإنفاق
، والوالد محتاجاً لعجزه أو فقره أو عدم استطاعته للكسب .
وليعلم هذا الزوج أن أجره عند الله تعالى عظيم إن كان ينفق على والديه المحتاجين
للنفقة الضرورية ، حتى لو أدى ذلك لاستلافه للمال ، أما إن كان والداه غير محتاجين
للنفقة الضرورية ، وهو ينفق عليهم من أجل شراء سلع كمالية : فالواجب عليه أن ينتبه
لنفسه ، ولا ينبغي له أن يحمل نفسه ديونا من غير ضرورة أو حاجة ملحة ؛ لأن شأن
الدين عند الله عظيم ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن الشهيد يغفر له كل
شيء إلا الدَّين ) فكيف بمن لقي الله تعالى غير مقتول في سبيله ؟!
نعم ، لو كان عنده فضل مال وأراد أن يوسع على والديه بالنفقة لشراء حاجات مباحة غير
ضرورية لكان محسناً لهما غير مسيء لنفسه ، أما أن يفعل ذلك بأموال غيره – زوجته أو
غيرها – فإنه يكون مسيئاً لنفسه لأنه حمَّلها ما لا طاقة لها به .
وعليه أن يعتذر لهما بألطف عبارة أنه غير قادر على إعطائهم ما يريدون ، ويعدهم أنه
إن تيسر له مال فائض عن حاجة أبنائه وزوجته الضرورية أنه سيعطيهم .
قال الله تعالى : ( وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ
رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً ) الإسراء/28 .
قال ابن كثير رحمه الله :
"أي : إذا سألك أقاربك ومَن أمرناك بإعطائهم وليس عندك شيء وأعرضت عنهم لفقد النفقة
(فقل لهم قولاً ميسوراً) أي : عِدْهم وعداً بسهولة ولين إذا جاء رزق الله : فسنصلكم
إن شاء الله" انتهى .
" تفسير ابن كثير " ( 3 / 52 ) .