الحمد لله.
يجب على الولد – ذكراً كان أو أنثى – أن ينفق على والديه إذا كانوا فقراء وهو غني ، وقد دل على وجوب النفقة لهما الكتاب والسنة والإجماع .
قال الله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) الإسراء/23 .
ومن الإحسان : الإنفاق عليهما عند حاجتهما .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ) رواه أبو داود (3528) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وقال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد . انتهى .
وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ) رواه البخاري (5971) ومسلم (2548) .
ويجب الإنفاق على الأجداد والجدات ، من جهة الأب ومن جهة الأم وهو مذهب جمهور العلماء (منهم الأئمة الثلاثة : أبو حنيفة والشافعي وأحمد) ، لأن الجد يسمي "أباً" ، قال الله تعالى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) الحج/78 .
وقال تعالى : (وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ) النساء/22 ، والأب هنا : يشمل الأب والجد من جهة الأب ومن جهة الأم .
وقال تعالى : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11 ، وهذا يشمل الجد والجدة .
والجدة تسمى "أماً" ، قال الله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) النساء/23 ، وهذا يشمل الأم والجدة باتفاق العلماء .
فإذا كان الجد يسمى "أباً" ، والجدة تسمى "أمَّاً" دخلا في الأدلة الدالة على وجوب الإحسان إلى الوالدين والإنفاق عليهما .
وانظر : "المغني" (11/372) .
وقال ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (13/498-499) في باب نفقة الأقارب :
"الأصول : مَنْ تفرعت منهم من آباء وأمهات .
والفروع : مَنْ تفرعوا منك من أبناء وبنات"
ثم قال :
"واعلم أن هذا الباب كباب تحريم النكاح ، لا يفرق فيه بين جهة الأبوة وجهة الأمومة ، فالأصول والفروع سواء كانوا من ذوي الأرحام ، أو عصبة ، أو أصحاب فروض ، تجب النفقة لهم ، لكن بشروط" انتهى.
ويشترط لوجوب النفقة للآباء والأجداد أن يكونوا فقراء ، ويكون الولد غنياً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ) رواه مسلم (997) .
وقال الشيخ ابن جبرين حفظه الله : " وإذا افتقر الوالدان وعند البنت مال زائد عن حاجتها فيلزمها أن تنفق على والديها قدر حاجتهما دون أن تنقص من حاجاتها " انتهى.
فعلى هذا ، يلزم المرأة أن تنفق على والديها إذا كانت غنية وهم فقراء .
تعليق